للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه وهب بن جرير عن شعبة أنه قال: "أتيت منزل المنهال فسمعت منه صوت الطنبور فرجعت ولم أسأله"، قلت: فهلَّا سألته عسى كان لا يعلم (١). قلت: فهذا اعتراض صحيح، فإن هذا لا يوجب قدحًا في المنهال (٢). وروى ابن أبي خيثمة بسند له عن المغيرة بن مقسم أنه كان ينهى الأعمش عن الرواية عن المنهال وأنه قال ليزيد بن أبي زياد: نشدتك بالله هل كانت تجوز شهادة المنهال على درهمين؟ قال: "اللهم لا". قلت: وهذه الحكاية لا تصح؛ لأن راويها محمد بن عمر الحنفي لا يعرف، ولو صحت فإنما كره منه مغيرة ما كره منه شعبة من القرآة بالتطريب؛ لأن جريرًا حكى عن مغيرة أنه قال: "كان المنهال حسن الصوت، وكان له لحن يقال له: وزن سبعة". وبهذا لا يجرح الثقة. وذكر الحاكم أن يحيى القطان غمزه، وحكى المفضل الغلابي أن ابن معين كان يضع من شأنه، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: "أبو بشر أحب إلي من المنهال بن عمرو، أبو بشر أوثق". وقال الجوزجاني: "كان سيئ المذهب وقد جرى حديثه". قلت: فأما حكاية الغلابي فلعل ابن معين كان يضع منه بالنسبة إلى غيره كالحكاية عن أحمد، ويدل على ذلك أن أبا حاتم حكى عن ابن معين أنه وثقه، وأما الجوزجاني فقد قلنا غير


(١) الأثر أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٧٧٩ - ٧٨٠)، وابن أبي حاتم في "الجرح" (١/ ١٥٣)، والعقيلي في "الضعفاء" (٤/ ٢٣٧)، والخطيب في "الكفاية" (٢٨٧) تحت باب ذكر بعض أخبار من استفسر في الجرح فذكر ما لا يسقط العدالة.
(٢) قال الإمام ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" (١٣/ ٩١ - ٩٢) بعد ذكره لهذه القصة: "ومعلوم أن شيئًا من هذا لا يقدح في روايته، لأن غايته أن يكون عالمًا به مختارًا له ولعله متأول فيه فكيف؟ وقد يمكن أن لا يكون ذلك بحضوره ولا بإذنه ولا علمه! ، وبالجملة: فلا يرد حديث الثقات بهذا وأمثاله".

<<  <  ج: ص:  >  >>