للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفكر المادي الطبيعي وسيادته في أوروبا وانتشار الدعوة إليه في الهند خاصة في ذلك الوقت عن طريق السيد أحمد خان (١) .

أما تعليله للمادية في الغرب. فيرجع إلى توجيه أممه إلى العالم بحثًا وتنقيبًا ودراسة واستخدامًا، وغفلت عن الحق تعالى تمامًا، فأدى بها إلى عبادة المادة والتجرد من خلال الإنسانية الحقة وبينما سلك الغرب الطريق فإن أمم الشرق اتجهت بكليتها إلى الحق صارفة أنظارها عن العالم مما جعلها لا تعبأ بتسخير الكون، فتحولت إلى فقر وعوز واستذلها غيرها (٢) .

كذلك يرى إقبال أنه لا يمكن الوصول إلى الحقيقة الكاملة بواسطة الفلسفة النظرية مغلبًا الجانب العملي الدائب لإصلاح النفس فيقول:

فتفكر في ذاتك، ولا تخش المرور من هذه البادية. فأنت موجود ووجود العالمين ليس شيئًا، اجتهد في إصلاح شخصيتك وتكميلها، ولا تمض في الحياة خائفًا مذعورًا، فوجودك هو الوجود ووجود العالمين ليس شيئًا إذا قيس بوجودك باعتبارك مكرمًا من جانب الله تعالى.

وبعد عدة أبيات شعرية أخرى يصف فيها طرق إصلاح النفس والوصول إلى درجة عالية من الرقي الروحي، مناديًا بأنه ينبغي على الإنسان أن يهمل كل ما لا يعنيه في الوصول إلى الهدف المنشود ألا وهو وجود الحق تعالى.

وعندئذ فإن الجنة هي الهبة النهائية وهي جزاء العمل (فالجنة التي وهبك الله إياها ليس لها قيمة أو اعتبار ما لم تكن جزاء على عمل صالح قد قدمته) (٣) .

وهكذا يتجه إقبال للاهتمام بالروح ويعطيها المكانة الأولى في جانب المعرفة والجانب الأخلاقي.

يقول إقبال: (يا من تقول: إن الجسد حامل الروح انظر سر الروح ولا تعبأ بالجسد.


(١) د/ محمد إسماعيل الندوي: نظرات جديدة في شعر أمثال [[كذا في المطبوع، والصواب: "إقبال"]] ص ١٥٢ ط. المجلس الأعلى
للشؤون الإسلامية صفر ١٣٨٩ مايو سنة ١٩٦٩ م.
(٢) محمد إقبال: رسالة الخلود - أو جاويد نامة ص ٩٩ ترجمة وشرح وتعليق د/ محمد السعيد جمال الدين ١٩٧٤ م.
(٣) نفسه ص ١١٩.

<<  <   >  >>