ولهم هجاء يقال لها زوارشن، يكتبون بها الحروف موصول ومفصول، وهو نحو ألف كلمة، ليفصلوا بها بين المتشابهات. مثال ذلك، أنه من أراد أن يكتب كوشت، وهو اللحم بالعربية، كتب بسرا، ويقرأه كوشت. على هذا المثال
وإذا أراد أن يكتب نان، وهو الخبز بالعربية كتب لهما، ويقرأه نان على هذا المثال
وعلى هذا كل شيئ أرادوا أن يكتبوه إلا أشياء لا يحتاج إلى قلبها تكتب على اللفظ.
[الكلام على القلم العبراني]
قرأت في بعض الكتب القديمة أن أول من كتب باللغة العبرانية، عامر بن شالخ. وضع ذلك بين قومه فكتبوا به. وذكر تيادورس أن العبراني مشتق من السرياني وإنما لقب بذلك حيث عبر إبراهيم الفرات يريد الشام هارباً من نمرود بن كوس بن كنعان. فأما الكتابة فزعمت اليهود والنصارى (١) لا خلاف بينهما أن الكتابة العبرانية في لوحين من حجارة وأن الله جل اسمه دفع ذلك إليه، فلما نزل إلى الشعب من الجبل وجدهم قد عبدوا الوثن اغتاظ عليهم وكان حديداً فكسر اللوحين. قال: وندم بعد ذلك فأمره الله جل اسمه أن يكتب على لوحين يعلمهما الكتابة الأولة. وذكر رجل من أفاضل اليهود، أن تيك الكتابة العبرانية غير هذا وانما صحف وغيرت. وقال بعض أهل العلم من اليهود: أن يوسف ﵇ لما كان وزير العزيز بمصر، كان ما يضبطه من أمور المملكة بالحساب والعلامات. وهذه صورة الحروف العبرانية.
[الكلام على القلم الرومي]
قرأت في بعض التواريخ القديمة، لم يكن اليونانيون يعرفون الخط في القديم حتى ورد رجلان من مصر يسمي أحدهما قيمس والآخر أغنور، ومعهما ستة عشر حرفاً، فكتب بها اليونانيون ثم استنبط أحدهما أربعة أحرف فكتب بها ثم استنبط آخر يسمى سمونيدس أربعة أخر فصارت أربعاً وعشرين. وفي هذه الأيام نجم سقراطيس، على ما ذكر اسحق الراهب في تاريخه. وسألت رجلاً من الروم مراطناً بلغتهم، وكان يذكر أنه وصل إلى المرتبة التي تسمى الأيطومولوجيا وهو النحو الرومي، فقال: المتعارف الذي يستعمله الروم في مدينة السلام ثلاثة أقلام، منها القلم الأول ويقال له ليطون ونظيره من أقلام العرب قلم الوراقين الذي يكتب به المصاحف وبه يكتبون مصاحفهم
(١) لقد وجدنا مع الاسف نقصا فاحشا في (المخطوطة المعول عليها) وذلك من كلمة " والنصارى " إلى " والقرآن عن عثمان بن عفان " في أخبار عبد الله بن عامر اليحصبي (ص - ٣١) فنقلنا ما كان في مطبوعة فلوجل عينا.