[المقالة العاشرة من الكتاب الفهرست ويحتوي على أخبار الكيميائيين والصنعوييين من الفلاسفة القدماء والمحدثين]
قال محمد بن أسحق النديم المعروف بابن أبي يعقوب الوراق: زعم أهل صناعة الكيمياء وهي صنعة الذهب والفضة من غير معادنها، أن أول من تكلم على علم الصنعة هرمس الحكيم البابلي، المنتقل إلى مصر عند افتراق الناس عن بابل، وأنه ملك مصر وكان حكيماً فيلسوفاً، وأن الصنعة صحت له، وله في ذلك عدة كتب، وانه نظر في خواص الأشياء وروحانياتها، وصح له ببحثه ونظره علم صناعة الكيمياء، ووقف على عمل الطلسمات، وله في ذلك كتب كثيرة. وقد قيل أن ذلك قبل هرمس بألوف سنين، على مذهب أصحاب القدم. وزعم أبو بكر الرازي وهو محمد بن زكريا، أنه لا يجوز أن يصح علم الفلسفة ولا يسمى الإنسان العالم فيلسوفاً، إلا أن يصح له علم صناعة الكيمياء، فيستغنى بذلك عن جميع الناس ويكون جميعهم محتاجاً إليه في علمه وحاله. وقالت طائفة أخرى من أهل صناعة الكيمياء، أن ذلك كان بوحي من الله جل اسمه إلى جماعة من أهل هذه الصناعة. وقال آخرون، كان هذا بوحي من الله (تعالى). إلى موسى بن عمران والى أخيه هارون ﵉، وأن الذي كان يتولى ذلك لهما قارون، وانه لما كثر ما عنده من الذهب والفضة، كنز الكنوز وأن الله ﵎ لما رآه تجبر وتكبر، وسطا بما عنده من الأموال، أخذه بدعاء موسى ﵇. وزعم الرازي في موضع آخر من كتبه، أن جماعة من الفلاسفة مثل فيثاغورس وديمقراط وفلاطن وارسطاليس وجالينوس أخيراً، كانوا يعملون الصناعة. قال محمد بن اسحق: وللفريقين جميعاً في الصنعة كتب وعلوم. وهذه أمور، الله العالم بها ونحن نبرأ في ذكرها من العيب والحكاية.
[ذكر هرمس البابلي]
قد اختلف في أمره، فقيل أنه كان أحد السبعة السدنة الذين رتبوا لحفظ البيوت السبعة، وأنه كان إليه بيت عطارد، وباسمه يسمى، فان عطارد باللغة الكلدانية هرمس. وقيل أنه انتقل إلى أرض مصر بأسباب، وأنه ملكها، وكان له أولاد عدة منهم، طاط وصا واشمن واثريب وقفط. وانه كان حكيم زمانه. ولما توفى دفن في