للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المقالة الثامنة من كتاب الفهرست في أخبار العلماء وأسماء ما صنفوه من الكتب]

وهي ثلاثة فنون

[الفن الأول في أخبار المسامرين والمخرفين وأسماء الكتب المصنفة في الاسمار والخرافات]

قال محمد بن اسحق: أول من صنف الخرافات، وجعل لها كتباً وأودعها الخزائن، وجعل بعض ذلك على ألسنة الحيوان، الفرس الأول. ثم أغرق في ذلك ملوك الأشغانية، وهم الطبقة الثالثة من ملوك الفرس. ثم زاد ذلك واتسع في أيام ملوك الساسانية، ونقلته العرب إلى اللغة العربية، وتناوله الفصحاء والبلغاء، فهذبوه ونمقوه وصنفوا في معناه ما يشبهه. فأول كتاب عمل في هذا المعنى، كتاب هزار أفسان، ومعناه ألف خرافة. وكان السبب في ذلك أن ملكاً من ملوكهم كان إذا تزوج امرأة وبات معها ليلة، قتلها من الغد، فتزوج بجارية من أولاد الملوك ممن لها عقل ودراية، يقال لها شهرازاد، فلما حصلت معه ابتدأت تخرفه، وتصل الحديث عند انقضاء الليل بما يحمل الملك على استبقائها ومسئلتها (١) في الليلة الثانية عن تمام الحديث. إلى أن أتى عليه ألف ليلة، وهو مع ذلك يطأها، إلى أن رزقت منه ولدا أظهرته، وأوقفته على حيلتها عليه، فاستعقلها ومال إليها واستبقاها. وكان للملك قهرمانة يقال لها دينار زاد، فكانت موافقة لها على ذلك. وقد قيل أن هذا الكتاب ألف لحماني ابنة بهمن، وجاءوا فيه بخبر غير هذا. قال محمد بن اسحق: والصحيح إن شاء الله، أن أول من سمر بالليل الإسكندر، وكان له قوم يضحكونه ويخرفونه. لا يريد بذلك اللذة، وإنما كان يريد الحفظ والحرس. واستعمل لذلك بعده الملوك كتاب هزار افسان، يحتوى على ألف ليلة وعلى دون المائتي سمر، لأن السمر ربما حدث به في عدة ليال. وقد رأيته بتمامه دفعات، وهو بالحقيقة كتاب غث بارد الحديث.

قال محمد بن اسحق: ابتدأ أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري، صاحب كتاب الوزراء، بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم، كل جزء قائم بذاته لا يعلق بغيره، وأحضر المسامرين، فأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون، اختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما حلا (٢)


(١) ف (يسئلها).
(٢) ف (ما يحلا).

<<  <  ج: ص:  >  >>