مبارك هادينا الفارقليظ رسول النور، ومبارك ملائكته الحفظة، ومسبح جنوده النيرون. يقول هذا وهو يسجد ويقوم ولا يلبث في سجوده ويكون منتصبا. ثم يقول في السجدة الثانية: مسبح أنت أيها النير ماني هادينا، أصل الضياء، وغصن الحياء، الشجرة العظيمة التي هي شفاء كلها. ويقول في السجدة الثالثة: أسجد وأسبح بقلب طاهر ولسان صادق للإله العظيم، أبي الأنوار وعنصرهم، مسبح مبارك أنت وعظمتك كلها، وعالموك المباركون الذين دعوتهم. يسبحك مسبح جنودك وأبرارك وكلمتك وعظمتك ورضوانك، من أجل أنك أنت الإله الذي كله حق وحياة وبر. ثم يقول في الرابعة: أسبح وأسجد للالهة كلهم والملائكة المضيئين كلهم وللأنوار كلهم (وللجنود كلهم) والذين كانوا من الإله العظيم. ثم يقول في الخامسة: أسجد وأسبح للجنود الكبراء، وللآلهة النيرين الذين بحكمتهم طعنوا وأخرجوا الظلمة وقمعوها. ويقول في السادسة: أسجد وأسبح لأبي العظمة العظيم المنير، الذي جاء من العلمين، وعلى هذا إلى السجدة الثانية عشرة. فإذا فرغ من الصلوات العشر، ابتدأ في صلوة أخرى، ولهم فيها تسبيح لا حاجة بنا إلى ذكره.
فاما الصلوة الأولى، فعند الزوال. والصلوة الثانية، بين الزوال وغروب الشمس. ثم صلوة المغرب بعد غروب الشمس. ثم صلوة العتمة بعد المغرب بثلاث ساعات. ويفعل في كل صلوة وسجدة مثل ما فعل الصلوة الاولى، وهى صلوة البشير.
فأما الصوم: فإذا نزلت الشمس القوس، وصار القمر نورا كله، يصام يومين لا يفطر بينهما. فإذا أهل الهلال، يصام يومين لا يفطر بينهما. ثم من بعد ذلك يصام، إذا صار نوراً، يومين في الجدي. ثم إذا أهل الهلال، ونزلت الشمس الدلو، ومضى من الشهر ثمانية أيام، يصام حينئذ ثلاثين يوماً، يفطر كل يوم عند غروب الشمس. والأحد يعظمه عامة المنانية، والاثنين يعظمه خواصهم. كذا أوجب عليهم ماني.
[اختلاف المانوية في الإمامة بعد ماني]
قال المانوية: لما ارتفع ماني إلى جنان النور، أقام قبل ارتفاعه، سيس الإمام بعده، فكان يقيم دين الله وطهارته إلى أن توفي. وكانت الأئمة يتناولون الدين واحداً عن واحد، ولا اختلاف بينهم. إلى أن ظهرت خارجة منهم، يعرفون بالديناورية، فطعنوا على إمامهم، وامتنعوا من طاعته. وكانت الإمامة لا تتم إلا ببابل، ولا يجوز أن يكون إمام في غيرها. فقالت هذه بخلاف هذا القول، ولم يزالوا عليه وعلى غيره من الخلاف، والذى لا فائدة في ذكره، إلى أن أفضت الرياسة الكلية إلى مهر. وذلك وفى ملك الوليد بن عبد الملك، في ولاية خالد بن عبد الله القسري العراق. وانضم إليهم رجل يقال له زاد هرمز، فمكث عندهم مدة ثم فارقهم، وكان رجلاً في (١) دنيا عريضة فتركها وخرج إلى الصديقوت، وزعم أنه يرى أموراً ينكرها، وأراد اللحوق بالديناورية، وهو وراء نهر بلخ. فأتى المدائن، وكان بها كاتب للحجاج بن يوسف ذو مال كثير، وقد كانت بينهما صداقة، فشرح له حاله والسبب الذي أخرجه من الجملة، وأنه يريد خراسان لينضم إلى الديناورية. فقال له الكاتب: أنا خراسانك وأنا أبني لك البيع وأقيم لك ما تحتاج إليه، فأقام عنده، وبنى له البيع. فكتب زاد هرمز إلى الديناورية يستدعي منهم رئيساً يقيمه، فكتبوا إليه أنه لا يجوز أن يكون الرياسة إلا في وسط الملك ببابل، فسئل عن من يصلح لذلك، فلم يكن غيره، فنظر في الأمر. فلما انحل ومعناه حضرته الوفاة، سألوه أن يجعل لهم رئيساً، فقال: هذا مقلاص قد عرفتم