قال محمد بن زكرياء الرازي: قصدني رجل من الصين فأقام بحضرتي نحو سنة تعلم فيها العربية كلاما و خطا في مدة خمسة أشهر، حتى صار فصيحاً حاذقاً سريع اليد. فلما أراد الانصراف إلى بلده قال لي قبل ذلك بشهر إني عازم على الخروج فأحب أن يمل على كتاب جالينوس الستة عشر لأكتبها، فقلت لقد ضاق عليك الوقت ولا يفي زمان مقامك لنسخ قليل منها فقال الفتى: اسئلك أن تهب لي نفسك مدة مقامي وتمل علي بأسرع ما يمكنك فإني أسبقك في الكتابة، فتقدمت إلى بعض تلاميذي بالاجتماع معنا على ذلك فكنا نمل عليه بأسرع ما يمكنا فكان يسبقنا فلم نصدقه إلا في وقت المعارضة فإنه عارض بجميع ما كتبه. وسألته عن ذلك فقال: إن لنا كتابة يعرف بالمجموع وهو الذي رأيتم، إذا أردنا ان نكتب الشئ الكثير في المدة اليسيرة كتبناه بهذا الخط ثم إن شئنا نقلناه إلى القلم المتعارف والمبسوط. وزعم أن الإنسان الذكي السريع الأخذ والتلقين لا يمكنه أن يتعلم ذلك في أقل من عشرين سنة. وللصين مداد يركبونه من أخلاط يشبه الدهن الصيني، رأيت منه شيئاً على مثال الألواح مختوماً عليه صورة الملك، تكفي القطعة، الزمان الطويل مع مداومة الكتابة وهذا مثال قلمهم.
[الكلام على القلم المناني]
الخط المناني مستخرج من الفارسي والسورياني، استخرجه ماني. كما أن المذهب مركب من المجوسية و النصرانية، وحروفه زائدة على حروف العربية. وبهذا القلم يكتبون أناجيلهم وكتب شرائعهم وأهل ما وراء النهر و سمرقند بهذا القلم يكتبون كتب الدين ويسمى ثم قلم الدين. وللمرقيونية قلم يختصون به. أخبرني الثقة أنه رآه قال: ويشبه المناني إلا أنه غيره، وهذه احرف المنانى: