للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجناس الخمسة الظلمية بالأجناس الخمسة النورية، نزل الإنسان القديم إلى غور العمق، فقطع أصول الأجناس الظلمية لئلا تزيد، ثم انصرف صاعدا إلى موضعه في الناحية الحربية. قال: ثم أمر بعض الملائكة باجتذاب ذلك المزاج إلى جانب من أرض الظلمة تلى (١) أرض النور، فعلقوهم بالعلو، ثم أقام ملكاً آخر فدفع إليه تلك الأجزاء الممتزجة. قال ماني: وأمر ملك عالم النور بعض ملائكته بخلق هذا العالم وبنائه من تلك الأجزاء الممتزجة لتخلص تلك الأجزاء النورية من الأجزاء الظلمية، فبنى عشر سماوات وثماني أرضين، ووكل ملكا بحمل السماوات وآخر برفع الأرضين، وجعل لكل سماء ابوابا اثنتى عشرة (٢) بدهاليزها عظاما واسعة، كل واحد من الأبواب بإزاء صاحبه وقبالته، على كل واحد من الدهاليز مصراعين، وجعل في تلك الدهاليز، في كل باب من أبوابها ست عتبات، وفي كل واحدة من العتبات ثلاثين سكة، وفي كل سكة اثني عشر صفاً، وجعل العتبات والسكك والصفوف، من أعاليها في علو السموات. قال: ووصل الجو بأسفل الأرضين على السموات، وجعل حول هذا العالم خندقا ليطرح فيه الظلام الذي يستصفي من النور، وجعل خلف ذلك الخندق سورا لكي لا يذهب شئ من تلك الظلمة المفردة عن النور. قال ماني: ثم خلق الشمس والقمر لاستصفاء ما في العالم من النور، فالشمس يستصفي النور الذي اختلط بشياطين الحر، والقمر يستصفي النور الذي اختلط بشياطين البرد، في عمود السبح، يتصاعد ذلك مع ما يرتفع من التسابيح والتقاديس والكلام الطيب وأعمال البر. قال: فيدفع ذلك إلى الشمس، ثم أن الشمس تدفع ذلك إلى نور فوقها في عالم التسبيح، فيسير في ذلك العالم إلى النور الأعلى الخالص. فلا يزال ذلك من فعلها حتى يبقى من النور شئ منعقد لا تقدر الشمس والقمر على استصفائه، (فعند ذلك) يرتفع الملك الذي كان يحمل (٣) الأرضين، ويدع الملك الاخر، اجتذاب السموات، فيختلط الأعلى على الأسفل، وتفور نار فتضطرم في تلك الأشياء، فلا تزال مضطرمة حتى ينحل (٤) ما فيها من النور. قال ماني: ويكون ذلك الاضطرام، مقدار ألف سنة وأربعمائة وثمان وستين سنة. قال: فإذا انقضى هذا التدبير، ورأت الهمامة روح الظلمة، خلاص النور وارتفاع الملائكة والجنود والحفظة، استكانت ورأت القتال، فيزجرها الجنود من حولها، فترجع إلى قبر قد أعد لها. ثم يسد على ذلك بصخرة تكون مقدار الدنيا، فيردمها فيه، فيستريح حينئذ من الظلمة وأذاها، وزعمت الماسية من المانوية أن النور يبقى منه شئ في الظلمة.

[ابتداء التناسل على مذهب ماني]

قال: ثم أن أحد أولئك الاراكنة والنجوم والرجز (٥) والحرص والشهوة والإثم، تناكحوا، فحدث من تناكحهم الإنسان الأول الذي هو آدم، والذي تولى ذلك، أركونان ذكر وأنثى، ثم حدث تناكح آخر، فحدث منه، المرأة الحسناء التي هي حواء. قال: فلما رأى الملائكة الخمسة، نور الله وطيبه الذي استلبه الحرص، وأسره في ذينك المولودين، سئلوا البشير وأم الحياة والإنسان القديم وروح الحياة، أن يرسلوا إلى ذلك المولود القديم من يطلقه ويخلصه، ويوضح له العلم والبر، ويخلصه من الشياطين. قال: فأرسلوا عيسى ومعه أله، فعمدوا إلى الا ركونين فحبسوهم، واستنقذوا المولودين. قال: فعمد عيسى فكلم المولود الذي هو آدم، وأوضح له الجنان والآلهة، وجهنم والشياطين والأرض والسماء والشمس والقمر، وخوفه من حواء واراه رجزها (٦) ومنعه منها وخوفه أن يدنو إليها، ففعل. ثم أن الا ركون عاد إلى ابنته التي هي حواء، فنكحها بالشبق الذي فيه، فأولدها ولدا أشوه الصورة أشقر، واسمه


(١) ف (يلى).
(٢) ف (اثنى عشر).
(٣) ف (لحمل).
(٤) ف (يتحلل).
(٥) ف (والزجر).
(٦) ف (زجرها).

<<  <  ج: ص:  >  >>