للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الشعر منه قد ذهب. ما أريد منه غير هذا، فلم يعد إليه الرسول. وحرك يوماً يده فانتثر على قوم مسكا (١). فحرك مرة أخرى يده فنثر دراهم، فقال له بعض من يفهم ممن حضر، أرى دراهم معروفة، ولكني اؤمن بك وخلق معي، أن أعطيتني درهماً عليه اسمك واسم أبيك فقال: وكيف وهذا لم يصنع، قال: من أحضر ما ليس بحاضر، صنع ما ليس بمصنوع.

ودفع إلى نصر الحاجب، واستغواه. وكان في كتبه، إني مغرق قوم نوح ومهلك عاد وثمود. فلما شاع أمره وذاع، وعرف السلطان خبره على صحته، وقع بضربه ألف سوط وقطع يديه، ثم أحرقه بالنار في آخر سنة تسع وثلثمائة.

[السبب في أخذه]

قرأت بخط أبي الحسن بن سنان. ظهر أمر الحلاج وانتشر ذكره في سنة تسع وتسعين ومائتين. وكان السبب في أخذه أن صاحب البريد بالسوس اجتاز في موضع بالسوس يعرف بالربض في القطعة (٢) فرأى امرأة في بعض الأزقة وهي تقول: إن تركتموني وإلا تكلمت. فقال لأعراب معه: اقبضوا عليها، وقال لها: (٣) أي شئ عندك، فجحدت فأحضرها منزله وتهددها، فقالت: قد نزل في جانب داري رجل يعرف بالحلاج، وله قوم يصيرون إليه في كل ليلة ويوم خفيا، ويتكلمون بكلام منكر. فوجه من ساعته إلى جماعة من أصحابه وأصحاب السلطان، وأمرهم بكبس الموضع. ففعلوا فأخذوا رجلاً أبيض الرأس واللحية، قبضوا عليه وعلى جميع ما معه، وكان جملة من العين، والمسك، والثياب، والعصفر، والعنبر، والزعفران. فقال: ما تريدون مني، فقالوا: أنت الحلاج، فقال: لا ما أنا هو ولا أعرفه، فصاروا به إلى منزل علي بن الحسين صاحب البريد، فحبسه في بيت وتوثق منه. وأخذ له دفاتر وكتب وقماش. وفشا الخبر في البلد واجتمع الناس للنظر إليه، فسأله علي بن الحسين هل أنت الحلاج، فأنكر أن يكون هو: فقال رجل من أهل السوس: أنا أعرفه بعلامة في رأسه، وهي ضربة، ففتش فأصيب كذاك (٤). وكان السلطان أخذ غلاماً للحلاج يعرف بالدباس، وأطال حبسه وأوقع به مكروهاً، ثم خلاه بعد أن كفله وأحلفه أنه يطلب الحلاج وبذل له مالاً، وكان يجول البلاد خلفه. واتفق أن دخل السوس في ذلك الوقت وعرف الخبر، فبادر وعرف السلطان الصورة وتحقق أمره فحمل، وكان من أمره ما كان.

والذي صمد لقتله وقام في ذلك، حامد بن العباس. وقد كاد السلطان أن يطلقه، لأنه نمس عليه وعلى من في داره من الخدم والنساء بالدعاء والعوذ والرقى. وكان يأكل اليسير ويصلي الكثير، ويصوم الدهر. فاستغواهم واسترقهم. وكان نصر القشوري يسميه الشيخ الصالح. وإنما غلط وحامد يقرره. وقد رمي ببعض الأمر فقال: أنا أباهلكم، فقال حامد: الآن صح أنك تدعي ما قرفت به، فقتل وأحرق.

[أسماء كتب الحلاج]

كتاب طاسين الأزل والجوهر الأكبر والشجرة الزيتونة النورية. كتاب الأحرف المحدثة والأزلية والأسماء الكلية. كتاب الظل المدود والماء المسكوب والحياة الباقية. كتاب حمل النور والحياة والأرواح. كتاب الصيهون. كتاب تفسير قل هو الله أحد. كتاب الأبد والمأبود. كتاب قران القرآن والفرقان. كتاب خلق الإنسان والبيان. كتاب


(١) ف (مسك).
(٢) ف (والقطعة).
(٣) ف (فقال).
(٤) ف (كذلك).

<<  <  ج: ص:  >  >>