للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهزارات. وإن أكثر (علماء) الهند، وملوكها الذين كانوا على وجه الأرض، وملوك (الفرس) الأولين، وقدماء الكلدانيين، وهم سكان الأحوية من أهل بابل في الزمان الأول إنما كانوا يستخرجون أوساط الكواكب السبعة من هذه السنين والأدوار. وإنه انما ارخوه (١) من بين الزيجات التي كانت في زمانه، لأنه وسائر من كان في ذلك الزمان وجدوه أصوبها كلها عند الامتحان، وأشدها اختصاراً. واستخرج منها المنجمون في ذلك الزمان زيجاً سموه زيج الشهرراد (٢). ومعناه ملك الزيجات. هذا آخر لفظ أبي معشر.

قال محمد بن أسحق: خبرني الثقة أنه انهار في سنة خمسين وثلثمائة من سني الهجرة أزج آخر، لم يعرف مكانه. لأنه قدر في سطحه أنه مصمت إلى أن انهار، وانكشف عن هذه، الكتب الكثيرة التي لا يهتدي أحد إلى قرائتها. والذي رأيت أنا بالمشاهدة أن أبا الفضل بن العميد انفد إلى ها هنا في سنة نيف واربعين كتبا متقطعة (٣) أصيبت بأصفهان في سور المدينة في صنادق، وكانت باليونانية، فاستخرجها أهل هذا الشان مثل يوحنا وغيره. وكانت أسماء الجيش، ومبلغ أرزاقهم. وكانت الكتب في نهاية نتن الرائحة، حتى كأن الدباغة فارقتها عن قرب. فلما بقيت ببغداد حولاً، جفت وتغيرت وزالت الرائحة عنها. ومنها في هذا الوقت شئ عند شيخنا أبي سليمان. ويقال إن سارويه أحد الأبنية الوثيقة القديمة المعجزة البناء، وتشبه في المشرق بالأهرام التي بمصر من أرض المغرب، في الجلالة وإعجاز البناء.

حكاية أخرى

كانت الحكمة في القديم ممنوعاً منها الامن كان من أهلها، ومن علم أنه يتقبلها طبعاً. وكانت الفلاسفة تنظر في مواليد من يريد الحكمة والفلسفة، فإن علمت منها أن صاحب المولد في مولده حصول ذلك له، استخدموه وناولوه الحكمة وإلا فلا. وكانت الفلسفة ظاهرة في اليونانيين والروم قبل شريعة المسيح . فلما تنصرت الروم منعوا منها، وأحرقوا بعضها، وخزنوا البعض. ومنع الناس من الكلام في شئ من الفلسفة إذ كانت بضد الشرائع النبوية. ثم إن الروم ارتدت عائدة إلى مذاهب الفلاسفة وكان السبب في ذلك أن ليوليانس ملك الروم، وكان ينزل بأنطاكية وهو الذي وزر له ثامسطيوس، مفسر كتب أرسطاليس، لما قصده سابور ذو الأكتاف، وظفر به ليوليانس، إما في حربه له وإما لأن سابور، كما يقال، مضى إلى أرض الروم ليقبض أمرها ففطن له وقبض عليه، والحكاية في ذلك مختلفة. وأن ليوليانس سار إلى أرض العجم حتى بلغ جنديسابور، وبها إلى وقتنا هذا ثلمة يقال لها ثلمة الروم، فحصر رؤساء الأعاجم والأساورة وبقايا حفظة الملك. وأطال المقام عليها واستصعب عليها فتحها. وكان سابور محبوسا في بلد الروم في قصر ليوليانس، فعشقته ابنته فخلصته. فطوى البلاد مختفياً إلى أن وصل إلى جنديسابور فدخلها، وقويت نفوس من بها من أصحابه، وخرجوا من دورهم فاوقعوا بالروم تفائلا بخلاص سابور. فأسر ليوليانس فقتله، واختلفت الروم، وكان قسطنطين الأكبر في جملة العسكر، واختلفت (٤) الروم فيمن يولونه، وضعفوا عن مقاومته. وكان لسابور عناية بقسطنطين، فولاه على الروم، ومن عليهم بسببه وجعل لهم طريقا إلى الخروج عن بلاده، بعد أن شرط على قسطنطين أن يغرس بإزاء كل نخلة قطعت من أرض السواد وبلاده شجرة زيتون، وان ينفد إليه من بلاد الروم من يبني ما هدمه ليوليانس بعد أن ينقل الآلة من بلاد الروم. فوفى له وعادت


(١) ف (ادخره).
(٢) ف (الشهريار).
(٣) ف (منقطعه).
(٤) ف (فاختلفت).

<<  <  ج: ص:  >  >>