للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (الآية تدل على أنّ من ادّعى الإيمان وخالف قلبه لسانه بالاعتقاد لم يكن مؤمناً؛ لأنّ من تفوّه بالشهادتين فارغ القلب عما يوافقه أو ينافيه لم يكن مؤمناً) (١).

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها بالنص (مفهوم الموافقة) على تكذيب دعوى المرجئة، والكرامية (٢)، وغيرهم من الطوائف في مسألة الإيمان؛ حيث ذكر تعالى عن المنافقين أنهم كانوا يقولون بألسنتهم، ولم يكن لهم تصديق القلب، فأكذبهم الله ونفى عنهم الإيمان بقوله: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}

وهذا يدلّ على أن المنافقين الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ليسوا بمؤمنين على الحقيقة، وإن كان الظاهر منهم هو صلاح الحال وإظهار الإيمان، وأن


(١) السراج المنير (١/ ٢٩).
(٢) هي طائفة منسوبة إلى أبي عبد الله محمد بن كرام، وهم طوائف بلغ عددهم اثنتي عشر فرقة. أصولها ستة، ومن أصولهم قولهم: أن الإيمان هو الإقرار باللسان فقط دون التصديق بالقلب ودون سائر الأعمال، وفرقوا بين تسمية المؤمن مؤمناً فيما يرجع إلى أحكام الظاهروالتكليف، وفيما يرجع إلى أحكام الآخرة والجزاء، فالمنافق عندهم: مؤمن في الدنيا على الحقيقة مستحق للعقاب الأبدي في الآخرة، وقالوا: تثبت الإمامة بإجماع الأمة دون النص والتعيين كما قال أهل السنة إلا أنهم جوزوا عقد البيعة لإمامين في قطرين وغرضهم إثبات إمامة معاوية في الشام، وإثبات أمير المؤمنين علي بالمدينة.
ينظر: الفرق بين الفرق (١/ ٢٠٢)، والملل والنحل (١/ ١١٠)، ومقالات الإسلاميين (١/ ١٤١).

<<  <   >  >>