للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول بغير تصديق القلب لا يكون إيماناً؛ لأن الإيمان الحقيقي هو ما تواطأ عليه القلب واللسان وعمل الجوارح، وإنما هذا مخادعة لله ولعباده المؤمنين.

ففي هذه الآية دلالة واضحة على رد معتقد تلك الطوائف، الذين من جملة أصولهم الباطلة أن الإيمان إقرار باللسان فقط، ولا يلزم معه إيمان القلب والجوارح والأركان.

وممن استنبط دلالة هذه الآية على هذا المعنى موافقاً الخطيب: الطبري، والسمرقندي، والسمعاني، وابن عطية، والرازي (١)، والقرطبي، والبيضاوي، وأبو حيان، وأبو السعود، والسعدي، وغيرهم. (٢)

قال الطبري (في هذه الآية دلالة واضحة على بطول ما زعمته الجهمية (٣) من أن الإيمان هو التصديق بالقول دون سائر المعاني غيره) (٤)


(١) قال الرازي: " نفى كونهم مؤمنين، ولو كان الإيمان بااللهّ عبارة عن التصديق اللساني لما صح هذا النفي". التفسير الكبير (٢/ ٣٠١)
(٢) ينظر: جامع البيان (١/ ١١٧)، وتفسير القرآن للسمرقندي (١/ ٥٢)، وتفسير السمعاني (١/ ٤٧)، والمحرر الوجيز (١/ ٩٠)، والتفسير الكبير (٢/ ٣٠١)، والجامع لأحكام القرآن (١/ ١٩٣)، وأنوار التنزيل (١/ ١٦٢)، والبحر المحيط (١/ ١٨٤)، وإرشاد العقل السليم (١/ ٤٠)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٤٢).
(٣) الجهمية: هم المعطلة نفاة الصفات، سموا بالجهمية، نسبة إلى جهم بن صفوان أبو محرز السمرقندي، وقد صار لقباً على معطلة الصفات عموماً، يقول جهم بالإرجاء في الإيمان حيث يجعله المعرفة فقط، والكفر هو الجهل بالله، كما زعم أن الجنة والنار تفنيان، وأن النعيم والألم ينقطع في الآخرة. ينظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٣٣٨)، والفرق بين الفرق، ص (٢١١)، والملل والنحل (١/ ٨٦ - ٨٧).
(٤) جامع البيان (١/ ١١٧).

<<  <   >  >>