للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أبو السعود: (ومدلول الآية الكريمة أن من أظهر الإيمان واعتقاده بخلافه لا يكون مؤمنا، فلا حجة فيها على الكرامية القائلين بأن من تفوه بكلمتي الشهادة فارغ القلب عما يوافقه أو ينافيه مؤمن). (١)

وقد أبطل شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) هذا المعتقد الفاسد وردّ على هذه الفِرق بنصوص القرآن والسنة. (٣)

قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: ٢ - ٤] فقصر الإيمان على من اتصف بتلك الصفات والأفعال الشاملة لأعمال القلب واللسان والجوارح، بمعنى أن من ترك أحدها فهو غير مؤمن، وغيرها من الآيات كثير.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الإيمان عند الأشاعرة هو التصديق القلبي فقط، لكن دلالة هذه الآية موافقة لمذهب أهل السنة والأشاعرة معاً في الرد على من


(١) إرشاد العقل السليم (١/ ٤٠).
(٢) هو أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني الحنبلي، أبو العباس، شيخ الإسلام، تقي الدين، اعتنى بالحديث وتفسير القرآن وأحكم أصول الفقه، والفرائض والحساب، ونظر في الكلام والفلسفة وغيرها من العلوم، أفتى ودرّس وصنّف وهو دون العشرين، توفي سنة ٧٢٨ هـ. ينظر: البداية والنهاية لابن كثير (١٤/ ١٣٥)، وشذرات الذهب (٦/ ٢٤١).
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى (٧/ ١٤٠)، والإيمان (١/ ١٧٤)، وينظر: إعانة المستفيد للشيخ صالح الفوزان (١/ ٤٠٤)، ولوامع الأنوار البهية للسفاريني (٣/ ٥٢٩).

<<  <   >  >>