للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تأثير الأسباب في مسبباتها مشروط بمشيئة الله تعالى.

قال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ٢] ٠

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (فائدة هذه الجملة الشرطية إبداء المانع لذهاب سمعهم وأبصارهم مع قيام ما يقتضيه، وهو أنه تعالى أمهل المنافقين فيما هم فيه؛ ليتمادوا في الغيّ والفساد ليكون عذابهم أشدّ، وللتنبيه على أنّ تأثير الأسباب في مسبباتها مشروط بمشيئة الله تعالى، وأنّ وجودها مرتبط بأسبابها واقع بقدرته تعالى.) (١)

وجه الاستنباط:

أن الرعد والبرق وإن كانا في الظاهر سببين لذهاب السمع والبصر إلا أن تأثير الأسباب في مسبباتها بمشية الله تعالى، فإن قصف الرعد، ولمعان البرق سببان كافيان لأن يذهبا بسمع ذوى الصيب وأبصارهم لو شاء الله ذلك. (٢) فدلَّ على أن وجود المسببات وهي ذهاب السمع والبصر مرتبط بأسبابها، لكن وقوعها بقدرته تعالى لا بالأسباب، لأنّ الأسباب غير مؤثرة بالذات عند الخطيب بل بإرادته تعالى.

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على فائدة الشرط في قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} وهي بيان المانع من ذهاب سمع المنافقين وأبصارهم مع وجود أسبابه من حصول الرعد والبرق، وهو أنه تعالى لم يشأ


(١) السراج المنير (١/ ٣٧)
(٢) ينظر: التفسير الوسيط لطنطاوي (١/ ٦٨)

<<  <   >  >>