(٢) ينظر: تحفة المريد للبيجوري (٩٨ - ٩٩)، والإنصاف للباقلاني (١/ ٤٥)، والمواقف للإيجي (١/ ٣١١)، وشرح أم البراهين (١/ ٨٠ وما بعدها) (٣) وحجتهم في هذه الدعوى أمران: الأول: أن إثبات تأثير الأسباب في مسبباتها يفضي إلى القول بوجود شريك مع الله يؤثر في الأفعال، والله عز وجل هو المؤثر وحده! الثاني: إن إثبات التلازم بين الأسباب والمسببات يفضي إلى إنكار النبوات الثابتة بمعجزات الرسل، وهي خوارق مخالفة للعادة، فلو وجد التلازم بين الأسباب والمسببات لما صح تخلف هذا التلازم، وهذا يؤدي إلى إنكار النبوات. والجواب عن هذه الشبهة: أن القرآن مليء بذكر الأسباب وربطها بمسبباتها، كما دلت على ذلك النصوص الكثيرة، ومن ذلك قوله تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: ١٠٤]، وقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: ٩]، وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} [السجدة: ٢٧]. إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على تأثير الأسباب في مسبباتها بأمر الله تعالى وتقديره، ومشيئته. وأما الجواب عن الأمر الأول الذي ذكروه فإنه لا يلزم ذلك، لأن أهل السنة عندما قالوا ذلك، شرطوا وجود المعاون المشارك، وانتفاء الموانع، وربط ذلك بمشيئة الله، مع القول بأن الأسباب والمسببات مخلوقة لله تعالى فلا يتوجه إليهم هذا المحذور. وأما جواب الأمر الثاني، فإن أهل السنة ذكروا بأن الأسباب خلق لله تعالى تتعلق بها مشيئته وقدرته، فلو شاء ألا تؤثر ما أثرت، ولذلك فإن قول الأشاعرة: لو وجد التلازم بين الأسباب والمسببات لما صح تخلف هذا التلازم، قول ليس بلازم ولا صحيح، والأدلة كثيرة على وجود هذا التخلف إذا شاء الله، وإنه ليشاؤها عند إثبات النبوات وغير ذلك، فلا ينسد طريق إثبات النبوات. ينظرقولهم في: تحفة المريد ص (٩٨ - ٩٩)، وينظر تفصيل دعواهم وأمثلته والرد عليها في: منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله لخالد عبد اللطيف (١/ ٣٤٤ وما بعدها)