للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رد عليهم كثير من أئمة أهل السنة وبينوا جهلهم بالآثار والسنن. (١)

ومن الأدلة على خلقهما ووجودهما أنه تعالى قال عن الجنة: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران-١٣٣]، وقال عن النار: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران-١٣١]

قال ابن كثير: (وقد استدل كثير من أئمة السنة بهذه الآية على أن النار موجودة الآن لقوله تعالى: أُعِدَّتْ، أي أرصدت وهيئت). (٢)

وقال الطوفي (ولأنه قد ثبت أن آدم عليه السلام دخل الجنة ثم أخرج منها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الجنة والنار ليلة الإسراء (٣)، وأن أرواح الشهداء في حواصل طير في الجنة (٤)). (٥)

وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: (رأيت عمرو بن عامر بن لحي الخزاعي (٦) يجر قصبه في النار) (٧) وغيرها من الأحاديث الكثيرة المتواترة في هذا المعنى. (٨)

وبهذا يظهر صحة دلالة هذه الآية، وموافقة الخطيب لما عليه أهل السنة والجماعة (٩) في هذا الباب، وبطلان قول المعتزلة، والله تعالى أجلّ وأعلم.


(١) ينظر: الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للجويني (١/ ٢٧٨)، وحجج القرآن لابن أبي المظفر (١/ ٧٦)، والانتصار في الرد على المعتزلة والقدرية الأشرار لأبي الحسين العمراني (٩/ ٢٨٠).
(٢) تفسير القرآن العظيم (١/ ٢٠٢)
(٣) حديث الإسراء تقدم تخريجه.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة باب: بيان أن أرواح الشهداء في الجنة ١٣/ ٢٧ رقم ٠١٨٨٧
(٥) الإشارات الإلهية (١/ ٢٤٩)
(٦) هو عمرو بن لحيّى بن حارثة بن عمرو ابن عامر الأزدي، أبو ثمامة، من قحطان، ومن العلماء من يجزم بأنه مضريّ من عدنان، وفي نسبه خلاف شديد، وهو جدّ " خزاعة " عند كثير من النسَّابين، ومعظمهم يسميه " عمرو بن عامر بن لحيّ " وفيهم من يسميه " عمرو بن ربيعة " وهو الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم يجر قصبه في النار، وهو أول من سيب السوائب وبحر البحيرة وغير دين إبراهيم عليه السلام، ودعا العرب إلى عبادة الأصنام. ينظر: وفيات الأعيان (٤/ ١٠٧)، والأعلام (٥/ ٨٤)
(٧) أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب قصة خزاعة برقم ٣٣٣٣، (٣/ ١٢٩٧)
(٨) فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في الجنة قصراً لعمر، ورأى مناديل سعد، وسمع صوت خشخشة بلال في الجنة، وغير ذلك مما صح نقله وثبت في الأخبار.
(٩) ينظر: الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للجويني (١/ ٢٧٨)، وحجج القرآن لابن أبي المظفر (١/ ٧٦)، والانتصار في الرد على المعتزلة والقدرية (٩/ ٢٨٠).

<<  <   >  >>