للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحانه: إني خالق عرشاً أو جنةً أو ملَكاً، وإنما قال ذلك في حق آدم، تشريفاً وتخصيصاً له. (١)

وممن وافق الخطيب في النصَّ على هذه الدلالة من الآية: البيضاوي، وأبو حيان، والألوسي، والقاسمي، والسعدي، وغيرهم. (٢)

وأيضاً فإن في قوله تعالى عن الملائكة {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} إظهار فضل استخلاف آدم في الأرض الراجح على ما فيه من المفاسد بسؤال الملائكة وجوابه تعالى لهم، حيث قال {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} أي: أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم. (٣)

قال السعدي: (قال الله تعالى للملائكة: {إِنِّي أَعْلَمُ} من هذا الخليفة {مَا لَا تَعْلَمُونَ}؛ لأن كلامكم بحسب ما ظننتم، وأنا عالم بالظواهر والسرائر، وأعلم أن الخير الحاصل بخلق هذا الخليفة، أضعاف أضعاف ما في ضمن ذلك من الشر، فلو لم يكن في ذلك إلا أن الله تعالى أراد أن يجتبي منهم الأنبياء والصديقين، والشهداء والصالحين، ولتظهر آياته للخلق، ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة، كالجهاد وغيره، وليظهر ما كمُن في غرائز بني آدم من الخير والشر بالامتحان، وليتبين عدوه من وليه، وحزبه من حربه، وليظهر ما


(١) ينظر: البحر المحيط (١/ ٢٢٨).
(٢) ينظر: أنوار التنزيل (١/ ٦٨)، والبحر المحيط (١/ ٢٢٨)، وروح البيان (١/ ٩٤)، وروح المعاني (١/ ٢٢٣)، ومحاسن التأويل (١/ ٢٨٥)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٤٨).
(٣) ينظر: تفسير القرآن العظيم (١/ ٢١٧).

<<  <   >  >>