للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: ٣١ - ٣٣]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (هذه الآيات وهي آية {وَعَلَّمَ آدَمَ} وآية {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا} وآية {قَالَ يَاآدَمُ} تدل على مزيَّة العلم وفضله على العبادة، وإلا لأظهر فضل آدم بها (١)، وأنّ اللغات توقيفية، فإن الأسماء تدل على الألفاظ بخصوص أو عموم، وتعليمها ظاهر في إلقائها على المتعلم مبيناً له معانيها، وذلك يستدعي سابقة وضع، والأصل ينفي أن يكون ذلك الوضع ممن كان قبل آدم من الملائكة والجنّ، فيكون من الله، وأنّ مفهوم الحكمة زائد على مفهوم العلم، لتغاير المتعاطفين وإلا لتكرر قوله: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}، وأنّ آدم أفضل من هؤلاء الملائكة؛ لأنه أعلم منهم والأعلم أفضل لقوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩]، وأن الأنبياء أفضل من الملائكة وإن كانوا رسلاً كما ذهب إليه أهل السنة). (٢)


(١) أي لأظهر فضله بالعبادة دون العلم.
(٢) ينظر: السراج المنير (١/ ٤٧) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>