للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: أن في الاستنباط نوعُ اجتهادٍ ومعاناة، دلَّ عليه صيغة اللفظ المفتتحة بحروف الطلب (الألف، والسين، والتاء)، فهي تدل على تطلب الشيء لأجل حصوله، فليس المراد مجرد الإنباط بل الاستنباط، وكأن فيها معنى التكلف في إعمال العقل الذي يحتاجه المستنبط حال الاستنباط (١)، وهذا الاجتهاد والعناء في نيل المستنبَط واضحٌ في ما يبذله مستنبِطُ الماء من البئر.

قال ابن القيم (٢): (الاستنباط هو: استخراج الشيء الثابت الخفي الذي لا يعثر عليه كل أحد) (٣)

ثالثاً: أن الاستنباط أقرب إلى باطن الكلام منه إلى ظاهره، وأقرب إلى المعاني منه إلى الألفاظ. (٤)


(١) ينظر: مفهوم التفسير، والتأويل، والاستنباط، والتدبر، والمفسر. للدكتور: مساعد الطيار، ص ١٥٩.
(٢) هو محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي، أبو عبدالله، الشهير بابن القيم الجوزية، الإمام المفسر الفقيه الأصولي الحنبلي، تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية وحامل علمه، له المصنفات الشهيرة النافعة منها: (زاد المعاد)، و (بدائع الفوائد) وغيرهما كثير، توفي سنة ٧٥١ هـ.
ينظر: شذرات الذهب لابن العماد (٦/ ٣٥٢)، وطبقات المفسرين للأدنه وي، ص ٢٨٤.
(٣) ينظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ١٠٤)
(٤) وينبغي التنبه إلى أن المعاني المستنبطة تتفاوت في القرب والبعد من معنى الآية، كما تتفاوت في الظهور والخفاء، وكُلُّ ذلك بحسب المعنى المستنبط، ووجه اتصاله بالمعنى الظاهر، وباستعراض أي من الكتب المفردة في الاستنباطات القرآنية يتضح ذلك بلا خفاء؛ فبينما نجد استنباطاً على التمام، إذ يتلوه آخر موغلاً في الإيهام، ثم استنباطٌ في القرب والظهور كأنه المعنى المباشر للَّفظ، ويتبعه آخر في البعد والخفاء، بما لا يكاد يُسفر عن وجه اتصاله بالآية. ينظر: معالم الاستنباط في التفسير لنايف بن سعيد الزهراني ص ٤٤

<<  <   >  >>