للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب الحنفية إلى أن الطلاق يقع بعد مضي المدة من غير فيء؛ لأنه بالإيلاء عزَم على منع نفسه من إيفاء حقها في الجماع في المدة، وأكَّد العزم باليمين، فإذا مضت المدة، ولم يفيء إليها مع القدرة على الفيء، فقد حقق العزم المؤكد باليمين بالفعل، فتأكد الظلم في حقها، فتبِين منه عقوبة له جزاء على ظلمه ومرحمة عليها، ولا يوقف. (١)

والراجح أنه لا يقع الطلاق بمجرد مضي المدة، وهو ما عليه الجمهور بدلالة هذه الآية، لأن الإيلاء ليس بطلاق، فإذا تمت المدة ولم تحصل المراجعة فيها، يُلزمه القاضي بالطلاق إذا أبى المراجعة.

قال ابن قدامة (٢) مؤيداً قول الجمهور: (قال تعالى {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ولو وقع بمضي المدة، لم يحتج إلى عزم عليه، وقوله {فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} يقتضي أن الطلاق مسموع، ولا يكون المسموع إلا كلاماً، ولأنها مدة ضُربت له تأجيلاً، فلم يستحق المطالبة فيها، كسائر الآجال). (٣)


(١) ينظر: المبسوط (٧/ ٢٠)، وبدائع الصنائع (٣/ ١٧٦)
(٢) هو عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي، موفق الدين المقدسي، أبو محمد، أحد الأئمة الأعلام، صاحب التصانيف، انتهى إليه معرفة المذهب الحنبلي وأصوله، كان زاهداً ورعاً كثير الحياء، من أشهر مصنفاته: (المغني) في الفقه، و (الروضة) في أصول الفقه وغيرها، توفي سنة ٦٢٠ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء (٢٢/ ١٦٥)، وشذرات الذهب (٥/ ١٧٩).
(٣) المغني (٧/ ٥٥٣).

<<  <   >  >>