للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدم جواز الخلع من غير كراهة وشقاق.

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية بدلالة النَّص أنّ الخلع لا يجوز من غير كراهة وشقاق، لأن الله تعالى نفى الحل بقوله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: ٢٢٩]، وهذا صريح في التحريم إذا لم يخافا ألا يقيما حدود الله؛ إذ نفي الحل الذي هو حكم العقد في جميع الأحوال إلا حال الشقاق يدل على فساد العقد وعدم جوازه (١).

ويؤكده قوله تعالى بعدها: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} فدلَّ بمفهومه على أن الجناح لاحق بهما إذا افتدت من غير خوف، ثم غلَّظ بالوعيد فقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة» - وقد تقدم - وهذا يدل على تحريم المخالعة لغير حاجة؛ لأنه إضرار بها وبزوجها، وإزالة لمصالح النكاح من غير حاجة. (٢)

وممن استنبط عدم جواز الخلع من غير كراهة مستدلاً بالآية: الرازي، والبيضاوي، وأبو حيان، والسيوطي، والألوسي، وابن عاشور، وابن عثيمين، وغيرهم. (٣)


(١) ينظر: روح المعاني للألوسي (١/ ٥٣٤)
(٢) ينظر: المغني لابن قدامة (٧/ ٣٢٦)
(٣) ينظر: التفسير الكبير (٦/ ٤٤٥)، وأنوار التنزيل (١/ ١٤٢)، والبحر المحيط (٢/ ٤٧٤)، والإكليل (١/ ٥٦)، وروح المعاني (١/ ٥٣٤)، والتحرير والتنوير (٢/ ٤١١)، وتفسير العثيمين (٣/ ١١٢).

<<  <   >  >>