للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخلاف في هذه الآية، يرجع إلى الاستثناء في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا} هل هو استثناء متصل أو منقطع، وفائدة هذا الخلاف تظهر في هذه المسألة الفقهية وهي جواز الخلع في حال الغضب أو عدمه، فالجمهور على جواز الخلع في غير حالة الخوف والغضب (١)، وقال بعضهم بعدم جوازه إلا عند الغضب، والخوف من أن لا يقيما حدود الله (٢)، فإن وقع الخلع في غير هذه الحالة فالخلع فاسد.

وضعّف القرطبي دلالة هذه الآية مخالفاً الخطيب وغيره فقال: (والذي عليه الجمهور من الفقهاء أنه يجوز الخلع من غير اشتكاء ضرر، كما دل عليه حديث البخاري وغيره (٣). وأما الآية فلا حجة فيها، لأن الله عز وجل لم يذكرها على جهة الشرط، وإنما ذكرها لأنه الغالب من أحوال الخلع، فخرج القول على الغالب، والذي يقطع العذر ويوجب العلم قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤]). (٤)


(١) وهو قول الحنفية والمالكية والشافعية ينظر: العناية شرح الهداية للبابرتي الحنفي (٤/ ٢١٧) وحاشية الصاوي على الشرح الصغير (٢/ ٥١٧)، والحاوي الكبير للماوردي (١٠/ ٧)، والبيان في مذهب الإمام الشافعي لأبي حسين العمراني (١٠/ ٨)، وينظر: تفسير السمعاني (١/ ٢٣٣).
(٢) وهو قول الزهري والنخعي وداود. ينظر: جامع البيان (٤/ ٥٦٤) والنكت والعيون (١/ ٢٩٥)
(٣) أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم: «أتردين عليه حديقته، قالت نعم، فقال صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة».
(٤) الجامع لأحكام القرآن (٣/ ١٤٠)

<<  <   >  >>