للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا ما ذهب إليه المالكية والشافعية (١)، وذهب الحنابلة إلى أن الزوج لا يستحب له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها، بل يحرم عليه الأخذ إن عضلها ليضطرها إلى الفداء. (٢)

وفصَّل الحنفية القول في ذلك فقالوا: إن كان النشوز من جهة الزوج كُره له كراهة تحريم أخذ شيء منها، لقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠]، وإن كان النشوز من قبل المرأة لا يكره له الأخذ، ويتناول القليل والكثير، وإن كان أكثر مما أعطاها. (٣)

قال مالك: لم أزل أسمع إجازة الفداء بأكثر من الصداق. (٤)

والذي يظهر والله تعالى أعلم ضعف دلالة هذه الآية على عدم جواز الفداء بأكثر من الصداق، والراجح قول جمهور أهل العلم بجواز الخلع على الكثير والقليل لعموم هذه الآية، فكل ما تم الاتفاق عليه قلَّ أو كثر جائز أن يكون عوضاً في الخلع.

قال الشنقيطي موافقاً قول الجمهور: (ظاهر هذه الآية الكريمة أن الخلع يجوز بأكثر من الصداق ; وذلك لأنه تعالى عبَّر بما الموصولة في قوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا


(١) ينظر: الشرح الكبير للدردير (٣/ ٢٣٠)، والتمهيد لابن عبد البر (١/ ١٩٨)، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي (٥/ ٦٤)
(٢) ينظر: المغني (٧/ ٣٢٥)، والإنصاف للمرداوي (٨/ ٣٩٣)، والعدة شرح العمدة للمقدسي (١/ ٤٣٧)
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسيي (١/ ٧٩٣)، والهداية شرح البداية (١/ ٣٩٥)
(٤) ينظر: التمهيد لابن عبد البر (١/ ١٩٨).

<<  <   >  >>