للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نصَّ على عدم الجواز مؤيداً قول الخطيب: البيضاوي، والألوسي، وابن عاشور، وغيرهم. (١)

واستدل أصحاب هذا القول (٢) بأن جميلة لما طُلب منها أن ترد على زوجها حديقته، فقالت وأزيده، فقال صلى الله عليه وسلم: «أما الزيادة فلا» (٣)، ولو كان الخلع بالزائد جائزاً لما منعها صلى الله عليه وسلم منه.

وجمهور العلماء على خلاف هذا، وأنه يجوز أن تفتدي منه بما تراضيا عليه، كان أقل مما أعطاها أو أكثر منه، بدلالة عموم قوله تعالى {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وقالوا: الخلع عقد معاوضة، فوجب أن لا يتقيد بمقدار معين، لا سيما وقد أظهرت الاستخفاف بالزوج، وبغضه، وكراهته، ويتأكد هذا بما روي أن عمر رضي الله عنه رفعت إليه امرأة ناشز أمرها، فأخذها عمر وحبسها في بيت الزبل (٤) ليلتين، ثم قال لها: كيف حالك؟ فقالت: ما بت أطيب من هاتين الليلتين، فقال عمر: اخلعها

ولو بقرطها (٥). (٦)


(١) أنوار التنزيل (١/ ١٤٢)، وروح المعاني (١/ ٥٣٤)، والتحرير والتنوير (٢/ ٤١٢).
(٢) وهو قول علي والشعبي وعطاء وطاووس وسعيد بن المسيب والأوزاعي، ورواية عن الإمام أحمد وإسحاق. ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٤/ ١٩٧١)، والمغني (٧/ ٣٢٥)، والإنصاف للمرداوي (٨/ ٣٩٣)، والعدة شرح العمدة لبهاء الدين المقدسي (١/ ٤٣٧).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) الزِبْلُ بالكسر: السِرْجينُ، وموضعه: مَزْبَلَةٌ ومَزْبِلةٌ أيضاً. ينظر: تهذيب اللغة (١٣/ ١٤٨)، والصحاح (٤/ ١٧١٥) مادة (زبل).
(٥) الأثر أخرجه الطبري عن قتادة، عن حميد بن عبد الرحمن. ينظر: جامع البيان (٤/ ٥٧٦)، وتفسير القرآن العظيم (١/ ٦١٧).
(٦) ينظر: التفسير الكبير للرازي (٦/ ٤٤٦)

<<  <   >  >>