للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سلوك الجمع بين الآيتين أو الترجيح. (١)

ولعل الراجح والله تعالى أعلم هو أن الأصل في الخُلْع الكراهة وأنه لا يجوز، إلا أن يخافا ألا يقيما حدودَ الله كما هي دلالة الآية ونصَّ عليها الخطيب، أما القول بجوازه على الإطلاق متى ما شاءت الزوجة، ودونما إثم، فالقول به ينافي مقصد الإسلام من النكاح، ويجعله عُرضةً للأهواء والرغبات العارضة، إذ أن نفي الجناح لم يرِد في هذه الآية بإطلاق، وإنما ورَد مقيَّدًا بالخوف ألا يقيما حدود الله، وعليه فمتى كان الخوف من إضاعة حدود الله، أو التقصير فيها جاز الخلع (٢)، والله تعالى أعلم.

الدلالة الثانية:

لا يجوز الخلع بجميع الصداق فضلاً عن الزائد.

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على أن الخلع لا يجوز بجميع ما ساق الزوج فضلاً عن الزائد، لأن «مِن» في قوله {مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ} تبعيضية فيكون مفاد الاستثناء في: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا} حِل أخذ شيء مما آتيتموهن حين الخوف، ولأنه تعالى قال: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} ثم قال بعد ذلك: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} فوجب أن يكون هذا راجعاً إلى ما آتاها، وإذا كان كذلك لم يدخل في إباحة الله إلا قدر ما آتاها من المهر لا أكثر. (٣)


(١) التحرير والتنوير (٢/ ٤١١).
(٢) ينظر: الشرح الكبير على متن المقنع (٨/ ١٧٦)، ومختصر الإنصاف والشرح الكبير للشيخ محمد بن عبد الوهاب (١/ ٦٨٤).
(٣) ينظر: التفسير الكبير للرازي (٦/ ٤٤٦)

<<  <   >  >>