للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: (فإن شُبِّه على أحد أن مبتدأ الآية على ذكر الأزواج، ففي الآية دلالة على أنه إنما نهى عن العضل الأولياء؛ لأن الزوج إذا طلّق فبلغت المرأة الأجل، فهو أبعد الناس منها فكيف يعضلها من لا سبيل ولا شرك له في أن يعضلها في بعضها؟ فإن قال قائل قد تحتمل إذا قاربن بلوغ أجلهن؛ لأن الله عز وجل يقول للأزواج {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: ٢٣١]، فالآية تدل على أنه لم يُرد بها هذا المعنى وأنها لا تحتمله؛ لأنها إذا قاربت بلوغ أجلها، أو لم تبلغه فقد حظر الله تعالى عليها أن تنكح، لقول الله عز وجل {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: ٢٣٥]، فلا يأمر بأن لا يمنع من النكاح من قد منعها منه، إنما يأمر بأن لا يمتنع مما أباح لها من هو سبب من منعها.) (١)

وقد جاءت السنة بمثل ما جاء في القرآن، فعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها الصداق بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» (٢)

قال ابن عطية: (هذه الآية تقتضي ثبوت حق الولي في إنكاح وليته، وأن النكاح يفتقر إلى ولي، خلاف قول أبي حنيفة: إن الولي ليس من شروط النكاح.) (٣)

وبهذا يظهر صحة دلالة هذه الآية على ما استنبطه الخطيب، والله تعالى أعلم.


(١) الأم (٥/ ١٣)
(٢) أخرجه الترمذي في سننه برقم (١١٠٢)، (٣/ ٣٩٩)، وقال: «هذا حديث حسن» وصححه الحاكم في المستدرك، كتاب النكاح، برقم (٢٧٠٦)، قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. (٢/ ١٨٢)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير عن عائشة (٢/ ٩٨٣).
(٣) المحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٣١٠)

<<  <   >  >>