للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: ٢٥٣] فعُلم أن المذموم إنما هو التفضيل على وجه الفخر، أو على وجه الانتقاص بالمفضول. (١)

قال الخطابي (٢): (معنى هذا ترك التخيير بينهم على وجه الإزراء ببعضهم، فإنه ربما أدى ذلك إلى فساد الاعتقاد فيهم، والإخلال بالواجب من حقوقهم، وليس معناه أن يعتقد التسوية بينهم في درجاتهم فإن الله سبحانه قد أخبر أنه قد فاضل بينهم فقال عز وجل: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: ٢٥٣]). (٣)

وذكر القرطبي أقوالاً أخرى في توجيه ذلك، ثم قال: (وأحسن من ذلك قول من قال: إن المنع من التفضيل إنما هو من جهة النبوة التي هي خصلة واحدة لا تفاضل فيها، وإنما التفضيل في زيادة الأحوال والخصوص والكرامات والألطاف والمعجزات المتباينات، وأما النبوة في نفسها فلا تتفاضل، وإنما تتفاضل بأمور أخر زائدة عليها، ولذلك منهم رسل، وأولو عزم، ومنهم من اتُخذ خليلاً .. ثم قال: وهذا قول حسن؛ فإنه جمع بين الآي والأحاديث من غيرنسخ). (٤)


(١) ينظر: شرح الطحاوية (١/ ١٢٠)، ومختصر معارج القبول لهشام آل عقدة (١/ ٣٦٦).
(٢) هو: حمد بن محمد بن خطاب البستي الخطابي، أبو سليمان، الإمام العلاّمة الحافظ اللغوي، صاحب التصانيف، توفي سنة ٣٨٨ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء (١٧/ ٢٣)، وطبقات الحفاظ للسيوطي ص ٤٢٠، وشذرات الذهب (٣/ ٢٥٦).
(٣) معالم السنن (٤/ ٣٠٩)، وينظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (٣/ ١٤٤)، وعون المعبود شرح سنن أبي داود لمحمد آبادي (١٢/ ٢٧٧).
(٤) الجامع لأحكام القرآن (٣/ ٢٤٩).

<<  <   >  >>