للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويدل له أن جميع رُخص السفر شُرعت على سبيل الجواز رفعاً للمشقة، لا على سبيل التعيين جزماً فكذلك هنا (١)؛ إذ هو تخفيف أُبيح للسفر، فجاز تركه كالمسح ثلاثاً للمسافر.

وخالف الحنفية الجمهور فقالوا بوجوب القصر؛ ووافقهم من المفسرين: الجصاص، والنسفي، وأبو السعود، وحقي، وغيرهم. (٢)

والراجح هو جواز القصر دون وجوبه كما نص عليه الخطيب، ولعل القصر أفضل (٣)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه داوموا عليه، وعابوا من تركه (٤)، والله تعالى أعلم. (٥)


(١) ينظر: التفسير الكبير (١١/ ٢٠٠)
(٢) أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٢٣١)، ومدارك التنزيل (١/ ٣٩٠)، وإرشاد العقل السليم (٢/ ٢٢٥)، وروح البيان (٢/ ٢٧٣).
(٣) عند المالكية والحنابلة، ينظر: بداية المجتهد (١/ ١٦١)، والشرح الكبير للدردير (١/ ٣٥٨)، وكشاف القناع للبهوتي (١/ ٣٢٤)، ومجموع الفتاوى (٢٢/ ٨٢)، والشرح الكبير على متن المقنع لابن قدامة (٢/ ١٠٠). وقال الشافعي: الإتمام أفضل. ينظر: الأم (١/ ٢٠٧)، والمهذب للشيرازي (١/ ١٩٢)، أما الحنفية فعلى مذهبهم من وجوب القصر، ينظر: المبسوط (١/ ٢٣٩).
(٤) قال السعدي: (ويدل على أفضلية القصر على الإتمام أمران: أحدهما: ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم على القصر في جميع أسفاره. والثاني: أن هذا من باب التوسعة والترخيص والرحمة بالعباد.) تيسير الكريم الرحمن (١/ ١٩٧).
(٥) قال ابن عبد البر: (وفي إجماع الجمهور من الفقهاء على أن المسافر إذا دخل في صلاة المقيمين، فأدرك منها ركعة أن يلزمه أربع، دليل واضح على أن القصر رخصة، إذ لو كان فرضه ركعتين لم يلزمه أربع بحال). التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (١٦/ ٣١١).

<<  <   >  >>