للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويدل له أنه صلى الله عليه وسلم لما طاف بالبيت، خرج من باب الصفا وهو يتلو قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨] ثم قال: «أبدأ بما بدأ الله به» (١)، فدلّ على وجوب البداءة بما بدأ الله به، وهو معنى كون الآية دالّة على الترتيب شرعاً (٢)، ويعضد هذا أنه صلى الله عليه وسلم توضأ عمره كله مرتباً ترتيب القرآن، وفعله هذا بيان مجمل كتاب الله تعالى. (٣)

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية موافقاً الخطيب: ابن العربي، والرازي، والقرطبي، والبيضاوي، والخازن، وابن كثير، والسيوطي، وغيرهم. (٤)

وعلى وجوب الترتيب في الوضوء الشافعي (٥)، وأحمد (٦). وذهب أبو حنيفة (٧)، ومالك في المشهور عنه إلى أنه سنة. (٨)

قال الخازن: (احتج الشافعي على وجوب الترتيب بهذه الآية، وذلك أن الله تعالى أمر بغسل الوجه، ثم بغسل اليدين، ثم بمسح الرأس، ثم بغسل الرجلين، فوجب أن يقع الفعل مرتباً كما أمر الله تعالى، ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث حجة الوداع «ابدأ بما بدأ الله


(١) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم برقم (١٢١٨)، (٢/ ٨٨٨).
(٢) ينظر: تفسير القرآن العظيم (٣/ ٥٢)
(٣) ينظر: لباب التأويل (٢/ ١٨)
(٤) ينظر: أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٥٢)، والتفسير الكبير (١١/ ٢٩٩)، والجامع لأحكام القرآن (٦/ ٩٩)، وأنوار التنزيل (٢/ ١١٧)، ولباب التأويل (٢/ ١٨)، وتفسير ابن كثير (٣/ ٥١)، وتفسير الجلالين (١/ ١٣٧).
(٥) تقدم توثيقه
(٦) ينظر: الإنصاف (١/ ١٣٨)، وكشاف القناع للبهوتي (١/ ١٠٤)، والمغني (١/ ٩٢)، والفروع لابن مفلح (١/ ١٥٤).
(٧) ينظر: تبيين الحقائق للزيلعي (١/ ٦)، والمبسوط (١/ ٥٥)، وحاشية ابن عابدين (١/ ١٢٢)، وبدائع الصنائع (١/ ١٨)،
(٨) ينظر: المدونة (١/ ١٤)، ومواهب الجليل (١/ ٢٤٩) والتمهيد لابن عبدالبر (٢/ ٨٦)

<<  <   >  >>