للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شدة تكليف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: ٦٧]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} أي: يحفظك ويمنعك منهم. فإن قيل: أليس قد شُج وجهه، وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم، وأوذي بضروب من الأذى؟

أجيب: بأنّ معناه يعصمك من القتل فلا يصلون إلى قتلك، وفي هذا تنبيه على أنه يجب عليه أن يحتمل كل ما دون النفس من أنواع البلايا، فما أشدّ تكليف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام). (١)

وجه الاستنباط:

أنه تعالى وعد نبيه صلى الله عليه وسلم العصمة من الناس أن يعتدوا عليه بالقتل، وفيه إشارة إلى أنه سيُصيبه ويلحقه من الأذى في سبيل الدعوة مادون القتل الكثير، حتى يأذن الله بإكمال الدين وإتمام الرسالة.

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على شدّة تكليف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأن حتماً عليه صلى الله عليه وسلم أن يحتمل كل ما دون النفس من أنواع الأذى؛ بدلالة الإشارة بقوله {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فأمرَه بإبلاغ الرسالة، ووعده بالعصمة من القتل، فدلَّ على أنه سيناله من أذى الكفار في سبيل الدعوة


(١) السراج المنير (١/ ٤٤٦).

<<  <   >  >>