للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مادون القتل الكثير، إلا أنه تعالى سيعصمه من الناس، حتى يأذن الله باكتمال الدين وإبلاغ الرسالة.

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الرازي، وأبو حيان، وغيرهما. (١)

والعصمة المقصودة في الآية هي: منعهم أن ينالوه صلى الله عليه وسلم بسوء، من قتل أو أسر أو غيره (٢)، دفعاً لما قد يحمله على كتم البيان، وهو خوف لحوق الضرر من الناس.

وكل ذلك قد تحقق له صلى الله عليه وسلم، فقد عصمه الله وحفظه من كفار قريش عندما هموا بقتله في مكة- مع شدة العداوة، ونصب المحاربة له ليلاً ونهاراً - فصانه في ابتداء الرسالة بعمِّه أبي طالب، إذ كان رئيساً مُطاعاً كبيراً في قريش، ثم قيّض الله له الأنصار، فبايعوه على الإسلام، وعلى أن يتحول إلى المدينة، فلما صار إليها حَمَوه من الأحمر والأسود، فكلما همَّ أحد من المشركين وأهل الكتاب بسوء كاده الله، ورد كيده عليه، وعصمه من القتل في المدينة فيما حضره من غزوات، ولما سمَّ اليهود في ذراع تلك الشاة بخيبر: أعلمه الله به، وعصمه الله منها؛ فأخبرته الشاة أنها مسمومة، ومات الصحابي الذي كان معه (٣)، ولم يمت صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن بلَّغ الرسالة. (٤)


(١) ينظر: التفسير الكبير (١٢/ ٤٠١)، والبحر المحيط (٤/ ٣٢٣).
(٢) ينظر: النكت والعيون (٢/ ٥٣)، والتفسير الوسيط (٢/ ٢٠٩)، وزاد المسير (١/ ٥٦٩)، وينظر: فتح الباري لابن حجر (٦/ ٨٢).
(٣) قال النووي في شرح حديث الشاة المسمومة: (فيه بيان عصمته صلى الله عليه وسلم من الناس كلهم، كما قال الله: (والله يعصمك من الناس) وهي معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سلامته مِن السم المهلك لغيره، وفي إعلام الله تعالى له بأنها مسمومة، وكلام عضو منه له، فقد جاء في غير مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن الذراع تخبرني أنها مسمومة)»). شرح صحيح مسلم (١٤/ ١٧٩).
(٤) ينظر تفصيله في: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٣/ ١٥٤)، وفتح القدير للشوكاني (٢/ ٦٩).

<<  <   >  >>