الأول: مذهب أهل السنة والجماعة وهو نفسه مذهب الأشاعرة، لكنهما اتفقا في النتيجة وإن اختلفا في الأصل الذي بُنيت عليه المسألة وهو صحة تكليف المعدوم، بشرط: (إذا وُجِد) أي خلق مستجمعًا لشرائط التكليف، وهذا هو الصواب وهو ما دلت عليه ظواهر النصوص من الكتاب والسنة، كما في هذه الآية {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: ١٩] يعني بلغه القرآن. والمذهب الثاني هو: مذهب المعتزلة فأنكروا خطاب المعدوم، وعلى هذا عندهم أن أوامر الشرع الواردة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم تختص بالموجودين فقط، فلا يتناول النص إلا الموجود، وأما من بعده فيتناوله الخطاب بالدليل؛ فلا بد من دليل منفصل بنصٍّ أو إجماع أو قياس. ينظر: شرح الطحاوية (١/ ١٦٩)، وينظر الخلاف في هذه المسألة وأدلته وتحقيقه في: الإحكام للآمدي ١/ ١٥٣، والبحر المحيط للزركشي ٢/ ١٠٢، وإرشاد الفحول ١/ ٣٨، ومذكرة في أصول الفقه (١/ ٢٤٠).