للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدلالة الثانية:

أن من لم يبلغه القرآن فلا يؤاخذ.

وجه الاستنباط:

أن مفهوم قوله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} نفي الإنذار بالقرآن عمن لم يبلغه، وعليه تنتفي المؤاخذة لعدم البلاغ.

الدراسة:

استنبط الخطيب كذلك من قوله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} أن من لم يبلغه القرآن ولم تصله الدعوة فإنه لا يؤاخذ؛ وهو مبني على القول بالمفهوم؛ لأن مفهومها انتفاء الإنذار بالقرآن عمن لم يبلغه وعليه انتفاء المؤاخذة، فدلّ بمفهوم المخالفة على أن من لم تبلغه النذارة فليس بمُنذَر، وأن الله لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه. ويدل له قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: البيضاوي، والألوسي وغيرهما. (١)

قال الألوسي: (استُدِل بالآية على أن من لم يبلغه القرآن غير مؤاخذ بترك الأحكام الشرعية). (٢)

وقال البغوي – في غير موضع هذه الآية-: (وذلك أن الله تعالى أجرى السُنَّة أن لا يأخذ أحداً إلا بعد وجود الذنب، وإنما يكون مذنباً إذا أُمر فلم يأتمر،


(١) ينظر: أنوار التنزيل للبيضاوي (٢/ ١٥٧)، وروح المعاني للألوسي (٤/ ١١٣).
(٢) ينظر: روح المعاني (٤/ ١١٣).

<<  <   >  >>