للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو نُهي فلم ينته، وذلك بعد إنذار الرسل، ولا عذاب على كافر أصلاً حتى تبلغه نذارة الرسول فالحُجة لا تقوم إلا بعد العلم والبيان). (١)

ومن لم تبلغه دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم تصله نذارة القرآن فله حكم أهل الفترة الذين لم يأتهم رسول، فهم معذورون بالجهل لكنهم يمتحنون يوم القيامة.

أما نفي المؤاخذة مطلقاً والعذر بالجهل كما قال به الأشاعرة (٢) فغير صحيح، والذي عليه أهل السنة أن أهل الفترة ومن في حكمهم ممن لم يبلغهم القرآن ودعوة الرسل لا يعذرون بالجهل مطلقاً، بل يمتحنون في عرصات القيامة، وهو الراجح من أقوال أهل العلم. (٣)

وعليه فكل من لم تبلغه نذارة القرآن يكون معذوراً بجهله إلى أن تبلغه نذارته أو بالامتحان، وأما من بلغته نذارة القرآن ولم يؤمن به فهو في النار، ففرضٌ على من بلغه التصديق به واتّباعه، والهجرة لتحصيل ذلك (٤)، والله تعالى أعلم.


(١) معالم التنزيل عند تفسير الآية ١٣١ من سورة الأنعام (٢/ ١٦١).
(٢) ينظر: شرح الباجوري (١/ ٣١)، وحاشية الدسوقي (١/ ٥٤ - ٧٠ - ٩٧)
(٣) ممن قال بعذر أهل الفترة ومن في حكمهم وامتحانهم: شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: (لا يهلكهم الله ويعذبهم، حتى يرسل إليهم رسولا. وقد رويت آثار متعددة من أن من لم تبلغه الرسالة في الدنيا فإنه يبعث إليه رسول يوم القيامة في عرصات القيامة). مجموع الفتاوى ١٧/ ٣٠٨. وهذا الذي نصره ابن كثير، والبيهقي في كتاب الاعتقاد، والشنقيطي، وغيرهم. ينظر: تفسير القرآن العظيم ٣/ ٣٠. وأضواء البيان ١/ ٤٧٥، وجهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف (٢/ ٥٩٦)
(٤) ينظر: الفصل في الملل والنحل لابن حزم (٤/ ٥٠).

<<  <   >  >>