للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اختلف العلماء في نجاسة عين الخنزير، فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن الخنزير حيوان نجس. (١)

وعمدة أدلتهم هي هذه الآية، وذهب مالك إلى أن الخنزير طاهر (٢)، كما هو ظاهر قوله تعالى {لَحْمَ خِنْزِيرٍ} أن المحرّم منه هو لحمه فقط، وجمهور الفقهاء على أن المحرم لحمه وسائر أجزائه، وإنما خص اللحم بالذكر والمراد جميع أجزائه؛ لكون اللحم هو معظم ما ينتفع به. (٣)

والخلاف في عود الضمير في قوله {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}، فإما أن يعود على «لحم الخنزير»، أو يعود على «خنزير» فإنه أقرب مذكور، والأظهر أنه يعود على {وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} لأن المُحدَّث عنه إنما هو اللحم، وجاء ذكر الخنزير على سبيل الإضافة إليه، لا أنه هو المُحدَّث عنه المعطوف (٤)، وعلى كلٍ فهو دليل على نجاسة لحم الخنزير.


(١) قال ابن قدامة: (لا يختلف المذهب في نجاسة الكلب والخنزير وما تولد منهما أنه نجس عينه وسؤره وعرقه وكل ما خرج منه). الشرح الكبير على متن المقنع/٢٤٨، وينظر: المغني (١/ ٣٥)، والإنصاف في للمرداوي ١/ ٣١٠، وبدائع الصنائع للكاساني ١/ ٦٣، والمجموع للنووي ٢/ ٥٦٨.
(٢) باعتبار أن الأصل في الأشياء الحية الطهارة بما فيها الكلب والخنزير، كما يفيد ظاهر قوله تعالى {وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ}، فالمحرّم عنده اللحم دون الشحم فيحلّ شحمه وغضروفه وعظمه وجلده لذلك.
(٣) ينظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ١٣، وأحكام القرآن للكيا الهراسي ١/ ٤٠، وأحكام القرآن لابن العربي ١/ ٨٠.
(٤) ينظر: البحر المحيط ٤/ ٦٧٤، والإكليل للسيوطي ١/ ١٢٣، وإرشاد العقل السليم ١/ ١٩١، وروح المعاني ١/ ٤٣٩، والتحرير والتنوير ٨/ ١٣٨.

<<  <   >  >>