للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبح كشف العورة لغير حاجة.

{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: ٢٠]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (بيّن علة الوسوسة بقوله تعالى: {لِيُبْدِيَ} أي: ليُظهر {لَهُمَا مَا وُورِيَ} أي: ستر وغطي {عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} أي: عوراتهما، وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر، وفيه دليل على أن كشف العورة في الخلوة، وعند الزوجة من غير حاجة قبيح مستهجن في الطباع). (١)

وجه الاستنباط:

أن آدم وحواء - عليهما السلام - كرها التعري ولم يكن معهما ثالث، فدلّ على قبح التعري وإن لم يكن مع المتعري أحد إلا لحاجة.

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة اللازم من قوله تعالى: {لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} وقوله سبحانه: {يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} قُبح كشف العورة؛ لأنه تعالى بيّن علة وسوسة إبليس لآدم وحواء في الجنة وطمعه في غوايتهما، حيث أراد أن يسوءهما بظهور ما كان مستوراً عنهما من عوراتهما، لأنهما كانا لا يريان عورة نفسيهما ولا يراها أحدهما من الآخر، فلمّا ذاقا الشجرة (بدت لهما سوآتهما) (٢)، فلما ظهرت لهما عوراتهما وتجافى عنهما لباسهما، حتى أبصر كل


(١) السراج المنير ١/ ٥٣٦.
(٢) سميت العورة سوءة لأنّ انكشافها يسوء صاحبها، وقيل: كان لباسهما من النور يحول بينهما وبين النظر.
ينظر: جامع البيان ١٢/ ٣٤٧، وتفسير القرآن العظيم ٣/ ٣٩٧، والدر المنثور ١/ ١٤٦.

<<  <   >  >>