للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحد منهما ما ووري عنه من سوأة صاحبه حدث في نفسيهما الشعور بقبح بروزها، فشرعا يخفيانها عن أنظارهما استبشاعاً وكراهيةً بالفطرة التي فطرهم الله عليها. (١)

وقد جاء في السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك» قال: أفرأيت إن كان الرجل خالياً قال: «فالله أحق أن يستحيا منه». (٢)

وممن وافق الخطيب في استنباط هذه الدلالة من الآية: الرازي، والقرطبي، والبيضاوي، والنسفي، والخازن، وابن عادل، وحقي، والقاسمي، وغيرهم. (٣)

قال القرطبي: (في الآية دليل على قبح كشف العورة، وأن الله أوجب عليهما الستر، ولذلك ابتدرا إلى سترها، ولا يمتنع أن يؤمرا بذلك في الجنة، كما قيل لهما: ولا تقربا هذه الشجرة). (٤)

وهذه دلالة قوية الظهور، وعليه فعدم وجوب ستر العورة بين الزوجين لا يعني أن كشفها لغير حاجة مستساغ، بل هو مستهجن في الطبع تأنفه النفوس، وهو يتنافى مع الحياء الذي هو شعبة من الإيمان خاصة عند قضاء الحاجة، والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: التحرير والتنوير (٨/ ٦٤).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه باب ماجاء في التعري، برقم (٤٠١٧) (٤/ ٤٠)، والترمذي في سننه، باب ما جاء في حفظ العورة، برقم (٢٧٦٩)، (٥/ ٩٧)، وحسّنه الألباني في مشكاة المصابيح (٣/ ٩٣٤).
(٣) ينظر: التفسير الكبير (١٤/ ٢١٨)، والجامع لأحكام القرآن (٧/ ١٨١)، وأنوار التنزيل (٣/ ٨)، ومدارك التنزيل (١/ ٥٦٠)، ولباب التأويل (٢/ ١٨٨)، وروح البيان (٣/ ١٤٥)، ومحاسن التأويل (٥/ ٢٤)
(٤) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ١٨١).

<<  <   >  >>