للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مطلق النهي للتحريم.

قال تعالى: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأعراف: ٢٢]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (قوله تعالى {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} أي: بيّن العداوة لكما، وقد أبان لكما عداوته بترك السجود تعنتاً وحسداً، وفي ذلك عتاب على مخالفة النهي وتوبيخ على الاغترار بقول العدوّ، ودليل على أنّ مطلق النهي للتحريم). (١)

وجه الاستنباط:

أنه تعالى رتَّب الظلم على هذا النهي بقوله {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}، ولو كان نهي تنزيه وكراهة لما استحق آدم بفعله الإخراج من الجنة، ولما وجبت التوبة عليه، واستحق عليه اللوم الشديد.

الدراسة:

استنبط الخطيب بدلالة اللازم من هذه الآية أن مطلق النهي للتحريم؛ لأن قوله تعالى: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} عتابٌ من الله لآدم وحواء وتوبيخٌ لهما حيث لم يحذرا ما حذّرهما منه بقوله {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: ١٩]، فقَرَن النهي بالوعيد، واستدَلّ بهذا الاقتران من قال أن مطلق النهي للتحريم؛ لما فيها من اللوم الشديد مع الندم والاستغفار المفهوم مما جاء بعدها {


(١) السراج المنير ١/ ٥٤٠

<<  <   >  >>