للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [الأعراف: ٢٣ - ٢٤]

قال ابن القيم: (ويستفاد كون النهي للتحريم من ذمِّه لمن ارتكبه وتسميته عاصياً وترتيبه العقاب على فعله). (١)

والذي عليه جمهور أهل العلم أن الأصل في النهي هو التحريم، ولا يُنقل من التحريم إلى الكراهة إلا بدليل يدل على ذلك. (٢)

ويدلّ له قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]

وأيضاً ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فانتهوا)

كذلك ما ثبت من فعل الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين- في غزوة خيبر لما نفَدَ الطعام واشتدّ بهم الجوع، أخذوا الحُمُر الأهلية فذبحوها، فجاء الصارخ فقال: (إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية) (٣) فكفئوا القدور بما فيها، مع حاجة الناس إلى هذا الطعام، فلو كان هذا النهي على الكراهة لأكَل الناس، فدلّ على أن الأصل في النهي التحريم، إلى غير ذلك من الأدلة.

وممن استنبط هذه الدلالة من موضع هذه الآية: البيضاوي، وأبو السعود، والألوسي، والسعدي، وغيرهم من المفسرين. (٤)


(١) بدائع الفوائد ٤/ ٣.
(٢) تقدم الحديث عن هذه المسألة في الاستنباط رقم (٦١)، وينظر: المحصول للرازي ٢/ ٢٨١، والبحر المحيط للزركشي ٣/ ٢٩٤، وإرشاد الفحول للشوكاني ١/ ٢٧٩.
(٣) الأحاديث تقدم تخريجها.
(٤) ينظر: أنوار التنزيل ٢/ ١٠٩، وإرشاد العقل السليم ٣/ ٢٢١، وروح المعاني ٤/ ٣٤١، وتيسير الكريم الرحمن ١/ ٤٩.

<<  <   >  >>