للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اكتساب ما يؤدي إلى النعيم المقيم ببيان سهولة مناله، وتيسير تحصيله والذي حسّنه سبق العمل الصالح قبله (١)، لأنه تعالى لما بشَّرهم بالجنة على فعل الصالحات طمئن قلوبهم بأنهم لا يُطالبوا من الأعمال الصالحة بما يخرج عن وسعهم، حتى إذا لم يبلغوا إليه أيسوا من الجنة، بل إنما يطلبون منها بما في وسعهم وفي طاقتهم وهذا مما يُرجي في رحمة الله ويُعلِم أنّ دينه يسر. (٢)

ويؤيد صحة هذه الدلالة قول ابن القيم: (وأحسن ما يقع هذا الاعتراض إذا تضمن تأكيداً أو تنبيهاً أو احترازاً كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} فاعترض بين المبتدأ والخبر بقوله: {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} لما تضمنه ذلك من الاحتراز الدافع لتوهم متوهم أن الوعد إنما يستحقه من أتى بجميع الصالحات فرفع ذلك بقوله {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}.) (٣)

وقال ابن كثير: (وينبّه تعالى على أن الإيمان والعمل به سهل؛ لأنه تعالى قال: {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}) (٤).

وممن نصّ على هذا التنبيه موافقاً الخطيب: ابن عطية، والرازي، والبيضاوي، وابن جزي، والخازن، وابن القيم، وأبوحيان، وابن كثير، والنيسابوري، وأبو السعود، والقاسمي، وابن عاشور، والألوسي، وغيرهم. (٥)


(١) ينظر: محاسن التأويل للقاسمي (٥/ ٥٨)
(٢) ينظر: التحرير والتنوير لابن عاشور (٨/ ١٣٠)
(٣) التبيان في أقسام القرآن (١/ ٢٢٢)
(٤) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٤١٥)
(٥) ينظر: المحرر الوجيز (٢/ ٤٠١)، والتفسير الكبير (١٤/ ٢٤٢)، وأنوار التنزيل (٣/ ١٣)، والتسهيل (١/ ٢٨٨)، ولباب التأويل (٢/ ٢٠٠)، والتبيان في أقسام القرآن لابن القيم (١/ ٢٢٢)، والبحر المحيط (٥/ ٥٢)، وتفسير القرآن العظيم (٣/ ٤١٥)، وغرائب القرآن (٣/ ٢٣٥)، وإرشاد العقل السليم (٣/ ٢٢٨)، ومحاسن التأويل (٥/ ٥٨)، والتحرير والتنوير (٨/ ١٣٠)، وروح المعاني (٤/ ٣٥٩).

<<  <   >  >>