للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا شأن الناصح أن يُسدي نصيحته للمنصوح بصورة الرحمة له والشفقة والغيرة عليه، ومرادُ الناصح بها وجه الله ورضاه، والإحسان إلى خلقه، فيتلطَّف في بذلها غاية التّلطُّف، ويحتمل أذى المنصوح ولائِمَتَه، ويحتمل سوء خُلُقِه ونفرتَه، ويتلطَّف في وصولها إليه بكلِّ ممكن. (١) والله تعالى أعلم.

جواز رؤية الله تعالى عقلاً، ووقوعها شرعاً.

قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: ١٤٣]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله – عند قوله تعالى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}: (ثاني مفعولي أرني محذوف أي: أرني نفسك أنظر إليك. فإن قيل: الرؤية عين النظر فكيف قيل: أرني أنظر إليك؟

أُجيب: بأنّ معنى أرني نفسك، اجعلني متمكناً من رؤيتك بأن تتجلى لي فأنظر إليك وأراك، وفي هذا دليل على أنّ رؤيته تعالى جائزة في الجملة (٢)، لأنّ


(١) ينظر: البداية والنهاية (١/ ١٤١)، وقصص الأنبياء لابن كثير (١/ ١٢٧)، ودعوة الرسل عليهم السلام لأحمد علوش (١/ ٥٤٤)، وأصول الدعوة لعبدالكريم زيدان (١/ ٤٢٩).
(٢) قوله: (في الجملة) يعني بقطع النظر عن الدنيا والآخرة، لأنّ طلب المستحيل من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام محال؛ لأنه إن علِمَ باستحالته، فطلبُه عبث، وان لم يعلم فجهل، وكلاهما غير لائق بمنصب النبوّة. ينظر: حاشيه الشهاب الخفاجي على تفسير البيضاوي (٤/ ٢١٣)

<<  <   >  >>