للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ١٧٨] وهو صريح مذهبنا، وما بعد هذه الآية وهو قوله: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٢) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: ١٨٢، ١٨٣]، ولما كان ما قبل هذه الآية وما بعدها ليس إلا ما يقوي قولنا ويشيد مذهبنا، كان كلام المعتزلة في وجوب تأويل هذه الآية ضعيفاً جداً.» (١)

وممن استنبط دلالة هذه الآية على صحة مذهب أهل السنة في خلق الله أفعال العباد خيرها وشرّها: السمعاني، والرازي، والنسفي، والخازن، وابن عادل، والنيسابوري، والألوسي، وابن عاشور، وغيرهم. (٢)

قال ابن أبي العز: (اختلف الناس في أفعال العباد الاختيارية، فزعمت الجبرية ورئيسهم الجهم بن صفوان السمرقندي (٣) أن التدبير في أفعال الخلق كلها لله تعالى، وهي كلها اضطرارية، .. وقابلتهم المعتزلة، فقالوا: إن جميع الأفعال الاختيارية من جميع الحيوانات بخلقها، لا تعلق لها بخلق الله تعالى. واختلفوا فيما بينهم: أن الله تعالى يقدر على أفعال العباد أم لا؟!


(١) التفسير الكبير (١٥/ ٤٠٨)
(٢) ينظر: تفسير السمعاني (٢/ ٢٣٤)، والتفسير الكبير (١٥/ ٤٠٨)، ومدارك التنزيل (١/ ٦١٩)، ولباب التأويل (٢/ ٢٧٣)، واللباب في علوم الكتاب (٩/ ٣٩٧)، وغرائب القرآن (٣/ ٣٤٩)، والتحرير والتنوير (٩/ ١٨٢)، وروح المعاني (٥/ ١١٠).
(٣) هو الجهم بن صفوان الترمذي، أبو محرز الراسبي مولاهم السمرقندي،، المتكلم، أس الضلالة، ورأس الجهمية. كان صاحب ذكاء وجدال. وهو من الجبرية الخالصة، وأول من ابتدع القول بخلق القرآن وتعطيل الله عن صفاته، قتل سنة ١٢٨ هـ، وقيل: سنة ١٣٠ هـ، وقيل ١٣٢ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء (٦/ ٢٦)، والوافي بالوفيات (١١/ ١٦٠).

<<  <   >  >>