للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنكار عبادة الأصنام.

قال تعالى: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ} [الأعراف: ١٩٥]

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (وقد تعلق بعض الجهال بهذه الآية في إثبات هذه الأعضاء لله تعالى (١)، فقال: إنّ الله تعالى جعل عدم هذه الأعضاء لهذه الأصنام دليلاً على عدم إلهيتها، فلو لم تكن هذه الأعضاء موجودة لله لكان عدمها دليلاً على عدم الإلهية، وذلك باطل فوجب القول بإثبات هذه الأعضاء لله تعالى.

أجيب: بأن المقصود من هذه الآية بيان أنّ الإنسان أفضل وأحسن حالاً من الصنم؛ لأنّ الإنسان له رجل ماشية ويد باطشة وعين باصرة وأذن سامعة، والصنم رجله غير ماشية ويده غير باطشة وعينه غير مبصرة وأذنه غير سامعة، فكان الإنسان أفضل وأكمل حالاً من الصنم، فاشتغال الأفضل الأكمل بحال الأخس الأدون جهل، فهذا هو المقصود من ذكر هذا الكلام لا ما ذهب إليه وهم هؤلاء الجهال.) (٢)

وجه الاستنباط:


(١) يقصد بهم المشبهة كما سيأتي بيانه، وقد نقل هذا الاستنباط برُمَّته عن الرازي قال: "وقد تعلق بعض أغمار المشبهة وجهالهم بهذه الآية في إثبات هذه الأعضاء لله تعالى. فقالوا: إنه تعالى جعل عدم هذه الأعضاء لهذه الأصنام دليلا على عدم إلهيتها، فلو لم تكن هذه الأعضاء موجودة لله تعالى لكان عدمها دليلا على عدم الإلهية وذلك باطل، فوجب القول بإثبات هذه الأعضاء لله تعالى ... الخ كلامه." ينظر: التفسير الكبير (١٥/ ٤٣٢).
(٢) السراج المنير (١/ ٦٢٥).

<<  <   >  >>