للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه تعالى قدح في إلهية الأصنام لأجل أنها ليس لها شيء من هذه الأعضاء، فلو لم تحصل لله هذه الأعضاء لزم القدح في كونه إلهاً، ولمَّا بطل ذلك وجب إثبات هذه الأعضاء له كما زعمت المشبهة. (١)

الدراسة:

استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على إبطال مذهب المُشبِّهة (٢) ورد حجتهم في إثبات هذه الأعضاء المذكورة لله تعالى ببيان الغرض من هذه الآية وهو: إنكار عبادة هذه الأصنام، وبيان أنّ الإنسان أفضل وأحسن حالاً من الصنم، ولذلك جاء الخطاب بصغية الاستفهام الإنكاري (٣)، والمقصود: إن كانت آلهتكم التي تعبدونها ليس فيها شيء من هذه الآلات المذكورة، فأنتم مفضلون عليهم بالأرجل الماشية والأيدي الباطشة والأعين البصيرة والآذان السامعة، والمُعظَّم من الأشياء إنما يُعظَّم لما يرجى منه من المنافع، فما وجه


(١) ينظر: التفسير الكبير (١٢/ ٣٩٥) عند تفسيره لقوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} من سورة المائدة.
(٢) المشبهة: هم الذين يشبهون صفات لله بصفات خلقه، فيقولون مثلاً لله سمع كسمع البشر، وعلى رأس هؤلاء المشبهة: الحكمية: أصحاب هشام بن الحكم الرافضي، الذي زعم أن الله ـ تعالى عن ذلك ـ جسم له حد ونهاية، ومنهم الجواليقية أتباع هشام الجواليقي، الرافضي، ومنهم الحوارية، أتباع داود الحواري، ومن المشبهة أيضا: الكرامية أتباع محمد بن كرام السجستاني الذين يزعمون أن لله جسم، وغير هؤلاء كثير، وقد تصدي لهم الأئمة بالرد، وأنكروا عليهم، بل كفروا كثيراً منهم، واعتبروهم غلاة خارجين عن الإسلام.
ينظر: الفرق بين الفرق (١/ ٢١٤)، وأصول الدين للبغدادي (١/ ٣٣٧)، والملل والنحل للشهرستاني (١/ ١٠٥)، ومنهاج السنة لابن تيمية (٢/ ٥٩٨)، والفتاوى (٣/ ١٨٦)، (٤/ ١٣٨)
(٣) ينظر: التحرير والتنوير (٩/ ٢٢٢).

<<  <   >  >>