للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويزعمون أن من وصف الله بشيء من ذلك فقد جسَّم الله ومثَّله، وشبَّهه ووصفه بصفات الحدوث والنقص. (١)

ولا شك أن كل ذلك من الضلال والانحراف؛ لأن الله عز وجل قد أثبت لنفسه الصفات وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفى عن نفسه التمثيل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى ١١]، فعُلِم أن المُثبِت إنما وافق القرآن، ثم إنه إذا صرَّح بنفي التمثيل والتشبيه بين صفات الخالق وصفات المخلوق. فبأي وجه يطلق عليه أنه مشبه أو ممثل وهو ينفيه ويرده ويبطله، كما نفاه الله وأبطله؟

لا ريب أن ذلك من الكذب على مثبتة الصفات من السلف، ومن الاعتداء والظلم لهم، والتشنيع عليهم بالباطل، بل المعطلة أحق بهذا التشنيع والوصف. (٢)

ومن هنا يظهر صحة دلالة هذه الآية على فساد مذهب المشبهة، وأنه خارج عن نطاق الشرع والعقل؛ إذ وقعوا في محظور لم يسبقوا إلى مثله حيث شبهوا الخالق بالمخلوق - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - وإنما أطلت التفصيل في هذه المسألة نظراً لأهميتها في بيان منهج الخطيب في باب الصفات، وللإحالة عليها فيما سيأتي من مسائل، والله تعالى أعلم.


(١) ينظر: الإرشاد للجويني ص ٥٨. ومقالات الإسلاميين ١/ ٢٨٢، ٢٨٣
(٢) وقد نبه الإمام إسحاق بن راهويه على أن المعطلة هم الذين يستحقون وصف التشبيه؛ لأنهم شبهوا أولاً، ثم عطلوا ثانياً، حتى صار من علامة الجهمية تسمية أهل السنة مشبهة. ينظر: شرح الفقه الأكبر لأبي حنيفة ص ٢٤ ـ ٢٥، وشرح الطحاوية (١/ ٨٥)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي (٣/ ٥٨٨)، وبيان تلبيس الجهمية (٦/ ٥٠٧)، والقول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد للبدر (١/ ١٤)

<<  <   >  >>