للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الخطيب الشربيني في «الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع» في الكلام عن تارك الصلاة: «(فإن تاب) بأن امتثل الأمر (وصلّى) خُلّي سبيله من غير قتل ... (وإلا) أي وإن لم يتب (قُتِل بالسيف) إن لم يُبد عذراً (حداً) لا كفراً.» (١)، وهو موافق لمذهبه الشافعي.

والذي يظهر أن تارك الصلاة بلا عذر كافرٌ، كفراً مخرجاً من الملة بمقتضى الأدلة التي تشهد بذلك (٢)، كما هي دلالة هذه الآية، وهو ما ذهب إليه أحمد، وأحد قولي الشافعي (٣)، ويؤيد صحة هذه الدلالة قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: ١١]، فمفهوم الآية: أنهم إن لم يقيموا الصلاة لم يكونوا من إخوان المؤمنين، ومن انتفت عنه أُخوة المؤمنين فهو من الكافرين؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: ١٠] (٤)

وأما دلالة السنة على كفر تارك الصلاة فقوله صلى الله عليه وسلم: «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة». (٥)

والمراد بالكفر هنا الكفر المخرج عن الملة لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة فصلاً


(١) الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (٤/ ٢٤٧)
(٢) ينظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع (٢/ ٢٦)، ورسالة في حكم تارك الصلاة للعثيمين ص ١٩، وفتاوى اللجنة الدائمة (١٠/ ١٤٣)
(٣) ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} [مريم: ٥٩]، وذكر ابن القيم في كتاب الصلاة أنه أحد الوجهين في مذهب الشافعي، وأن الطحاوي نقله عن الشافعي نفسه، ينظر: الصلاة وأحكام تاركها (١/ ٤٢) وعلى هذا قول جمهور الصحابة.
(٤) ينظر: أضواء البيان للشنقيطي (٣/ ٤٤٧)
(٥) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (١٣٤) (١/ ٨٨)

<<  <   >  >>