للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن تيمية: (والدلائل على انتقاض عهد الذمي بسبّ الله أو كتابه أو دينه أو رسوله، ووجوب قتله وقتل المسلم إذا أتى ذلك: الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين والاعتبار، أما الكتاب فيستنبط ذلك منه من مواضع - ذَكَر منها موضع هذه الآية - فقال: وهذه الآية تدلّ من وجوه:

أحدها: أن مجرد نكث الأيمان مقتضٍ للمقاتلة وإنما ذَكَر الطعن في الدين وأفرده بالذكر تخصيصاً له بالذكر وبياناً؛ لأنه من أقوى الأسباب الموجبة للقتال، ولهذا يُغلّظ على الطاعن في الدين من العقوبة ما لا يغلظ على غيره من الناقضين -إلى أن قال رحمه الله -: ذَكَر الطعن في الدين لأنه أوجب القتال في هذه الآية بقوله تعالى: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} وبقوله تعالى: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} فيفيد ذلك أن من لم يصدر منه إلا مجرد نكث اليمين جاز أن يُؤمَّن ويُعاهد، وأما من طعن في الدين فإنه يتعين قتاله، وهذه كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يهدر دماء من آذى الله ورسوله وطعن في الدين وإن أمسك عن غيره (١)، وإذا كان نقض العهد وحده موجباً للقتال وإن تجرد عن الطعن، عُلِم أن الطعن في الدين إما سبب آخر، أو سبب


(١) كما في قصة كعب بن الأشرف اليهودي، وهي في الصحيحين. أخرجها البخاري في كتاب المغازي باب قتل كعب بن ا? شرف (٤٠٣٧)، ومسلم في الجهاد والسير (٢٣٥٩)، وشواهد غيرها كثيرة.

<<  <   >  >>