للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وظاهر كلام الخطيب (١) في وجوب النفير للجهاد حال الاستنفار؛ إذ لا خلاف في وجوب الجهاد وفرضيته، فإن ظاهر الآية في وجوب النفير على من يُستنفر وقال في آية أخرى بعدها {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: ٤١]، فأوجب النفير مطلقاً غير مقيد بشرط الاستنفار، وهذا يقتضي وجوب الجهاد على كل مستطيع له. (٢)

وممن استنبط هذه الدلالة من الآية: الجصاص، والكيا الهراسي، والرازي، والخازن، والنيسابوري، والقاسمي، والسعدي، وابن عاشور، وغيرهم. (٣)

وفي وجوب هذا النفير خلاف بين أهل العلم: فقال بعضهم بوجوب النفور إلى الإمام أو نائبه إذا دعا إلى الجهاد وأمر به، وهو الأصح (٤). وقال آخرون: إن المراد به عند الحاجة وظهور الكفرة واشتداد شوكتهم. (٥)

قال القرطبي: (وظاهر الآية يدل على أن ذلك على وجه الاستدعاء، فعلى هذا لا يتجه حملها على وقت ظهور المشركين، فإن وجوب ذلك لا يختص


(١) قال - رحمه الله - في مغني المحتاج (٦/ ٢٢): «(الثاني) من حالي الكفار (يدخلون بلدة لنا) أو ينزلون على جزائر، أو جبل في دار الإسلام ولو بعيداً عن البلد (فيلزم أهلها الدفع بالممكن) منهم، ويكون الجهاد حينئذ فرض عين، وقيل كفاية، واعتمده البلقيني، وقال: إن نص الشافعي يشهد له».
(٢) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (٤/ ٣٠٩).
(٣) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (٤/ ٣٠٩)، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (٤/ ٢٠٣)، والتفسير الكبير (١٦/ ٤٧)، ولباب التأويل (٢/ ٣٦٠)، وغرائب القرآن (٣/ ٤٧٠)، ومحاسن التأويل (٥/ ٤١٨)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٣٣٧)، والتحرير والتنوير (١٠/ ١٩٥).
(٤) ينظر: المرجع السابق
(٥) ينظر: أحكام القرآن للكيا الهراسي (٤/ ٢٠٣)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٨/ ١٤٠).

<<  <   >  >>