للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالاستدعاء، وإذا ثبت ذلك، فالاستدعاء والاستبقاء يبعُد أن يكون مُوجباً شيئاً لم يجب من قبل، إلا أن الإمام إذا عيَّن قوماً وندبهم إلى الجهاد، لم يكن لهم أن يتثاقلوا عنه، وله ولاية التعيين، ويصير بعينه فرضاً على من عيَّنه لا لمكان الجهاد، ولكن لطاعة الإمام) (١). فإن عدم النفير في حال الاستنفار من كبائر الذنوب الموجبة لأشد العقاب. (٢)

والجهاد فرض كفاية على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد يصير فرض عين على كل مسلم إذا استنفرهم الإمام، وهو ما يعرف بالنفير العام (٣)، فإذا استنفر الإمام قوماً لزمهم النفير معه وتعيَّن عليهم (٤)، وعلى ذلك الجمهور (٥)، ومن جملة أدلتهم هذه الآية كما نصَّ عليها الخطيب وما بعدها؛ وهي دلالة ظاهرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا» (٦)، وذلك لأن أمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك. (٧) والله تعالى أعلم.


(١) الجامع لأحكام القرآن (٨/ ١٤٢).
(٢) ينظر: تيسير الكريم الرحمن (١/ ٣٣٧)
(٣) ينظر: المبسوط (١٠/ ٣)
(٤) قال شيخ الإسلام: (وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب؛ إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة، وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم، ونصوص أحمد صريحة بهذا). ينظر: الاختيارات الفقهية (١/ ٦٠٩)، والفتاوى الكبرى (٥/ ٥٣٩)
(٥) ينظر: حاشية الدسوقي لابن عرفة (٢/ ١٧٥)، وجواهر الإكليل (١/ ٢٥٢)، والرسالة للشافعي (١/ ٣٦٣)، والأم (٤/ ١٧٠)، وحاشية تحفة المحتاج على المنهاج للنووي (٩/ ٢١٢) والمغني (٩/ ١٩٧)، والروض المربع للبهوتي (١/ ٢٩٥).
(٦) تقدم تخريجه في الصحيح.
(٧) ينظر: حاشية الدسوقي (٢/ ١٧٥)، وجواهر الإكليل (١/ ٢٥٢)، والمغني (٨/ ٣٥٢)، والمحلى لابن حزم (٧/ ٢٩١).

<<  <   >  >>