للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآثار المترتبة على أفعال العباد تُكتب لهم لأن أفعالهم كانت سبباً فيها.

قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: ١٢٠].

قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (في هذه الآية دلالة على أنّ من قصد طاعة الله تعالى كان قيامه وقعوده، ومشيه وحركته وسكونه، كلها حسنات مكتوبة عند الله تعالى، وكذا القول في طرف المعصية؛ فإنّ حركته فيها كلها سيئات، فما أعظم بركة الطاعة، وما أكبر ذل المعصية إلا أن يغفرها الله تعالى (١)). (٢)

وجه الاستنباط:

إذا كان ما أصاب أهل المدينة في سبيل الله من الظمأ والمخمصة والنصب يُكتب لهم، دلّ على أن الآثار المترتبة على أفعال العباد كلها مكتوبة؛ لأن أفعالهم كانت سبباً فيها. (٣)


(١) وهذا الاستنباط قال به عطية العوفي، كمانسبه إليه الواحدي في تفسيره الوسيط (٢/ ٥٣٤) قال: «قال عطية العوفي: في الآية من الفقه أن من قصد طاعة، كان قيامه وقعوده، ونصبه ومشيه، وحركاته كلها حسنات مكتوبة له وكذلك في المعصية، فما أعظم بركة الطاعة، وما أعظم شؤم المعصية»، وهو استنباط صحيح المعنى، وإن كان عطية العوفي ضعيف عند جمهور المحدثين. ينظر: التاريخ الكبير (٥/ ٣٦٠) والصغير للبخاري (١/ ٢٦٧)، والضعفاء للعقيلي (٣/ ٣٥٩).
(٢) السراج المنير (١/ ٧٤٧)
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (٨/ ٥٢٢)

<<  <   >  >>